أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ، نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا».
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ
وَقَالَ مَنْصُورٌ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يُذَكِّرُنَا كُلَّ يَوْمِ خَمِيسٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّا نُحِبُّ حَدِيثَكَ، لَوَدِدْنَا أَنَّكَ حَدَّثْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ، فَقَالَ: «مَا يَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ إِلا كَرَاهِيَةَ أَنْ أُمِلَّكُمْ».
وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ: «يَتَخَوَّلُنَا»، أَيْ: يَتَعَهَّدُنَا بِهَا فِي مَظَانِّ الْقَبُولِ، لَا يُكَلِّمُنَا فِي كُلِّ وَقْتٍ لِئَلا نَسْأَمَ، وَمِثْلُهُ التَّخَوُّنُ، يُقَالُ: تَخَوَّلْتُ الرَّجُلَ وَتَخَوَّنْتُهُ، وَالْخَائِلُ: الْمُتَعَهِّدُ لِلشَّيْءِ الْحَافِظُ لَهُ.
قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ: الصَّوَابُ «يَتَحَوَّلُهُمْ» بِالْحَاءِ، أَيْ: يَطْلُبُ أَحْوَالَهُمُ الَّتِي يَنْشَطُونَ فِيهَا لِلْمَوْعِظَةِ، فَيَعِظُهُمْ فِيهَا، وَلا يُكْثِرُ عَلَيْهِمْ فَيَمَلُّوا.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: حَدِّثِ الْقَوْمَ مَا حَدَجُوكَ بِأَبْصَارِهِمْ، وَأَقْبَلَتْ عَلَيْكَ قُلُوبُهُمْ، فَإِذَا انْصَرَفَتْ عَنْكَ قُلُوبُهُمْ، فَلا تُحَدِّثْهُمْ، قِيلَ: وَمَا عَلامَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «إِذَا الْتَفَتَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَرَأَيْتَهُمْ يَتَثَاءَبُونَ، فَلا تُحَدِّثْهُمْ».