زَاوِيَةٍ، فَطَرَدَهُمْ عَنْهُ، وَقَالَ: أَفِي حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْنَعُ هَذَا! وَأَخَذَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ نُهْسًا مِنْ يَدِ وَاحِدٍ اصْطَادَهُ، فَأَرْسَلَهُ.
فَأَمَّا إِيجَابُ الْجَزَاءِ، فَلَمْ يَصِحَّ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَذْهَبُ فِي الْقَدِيمِ إِلَى أَنَّ مَنِ اصْطَادَ فِي الْمَدِينَةِ صَيْدًا، أَوْ قَطَعَ شَجَرًا أُخِذَ سَلَبُهُ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ سَعْدًا رَكِبَ إِلَى قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ، فَوَجَدَ عَبْدًا يَقْطَعُ شَجَرًا أَوْ يَخْبِطُهُ، فَسَلَبُهُ، فَجَاءَهُ أَهْلُ الْعَبْدِ، فَكَلَّمُوهُ أَنْ يَرُدَّ مَا أَخَذَ مِنْ غُلامِهِمْ، فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا نَفَلَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إِنَّمَا نُهِيَ عَنْ قَطْعِ سِدْرِ الْمَدِينَةِ لِيَبْقَى شَجَرُهَا، فَيَسْتَأْنِسَ بِهَا، وَيَسْتَظِلَّ بِهَا مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهَا.
قَوْلُهُ: «مَنْ آوَى مُحْدِثًا»، يُرْوَى عَلَى وَجْهَيْنِ «مُحْدِثًا» بِكَسْرِ الدَّالِ وَهُوَ صَاحِبُ الْحَدَثِ وَجَانِيهِ، وَ «مُحْدَثًا» بِفَتْحِ الدَّالِ وَهُوَ الْأَمْرُ الْمُحْدَثُ، وَالْعَمَلُ الْمُبْتَدَعُ الَّذِي لَمْ تَجْرِ بِهِ سُنَّةٌ، وَقِيلَ: أَرَادَ مَنْ آوَى جَانِبًا، وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ.
وَقَوْلُهُ: «لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلا عَدْلٌ»، قِيلَ فِي تَفْسِيرِ الْعَدْلِ: إِنَّهُ الْفَرِيضَةُ، وَالصَّرْفُ: النَّافِلَةُ، وَمَعْنَى الصَّرْفُ: الرِّبْحُ وَالزِّيَادَةُ، وَمِنْهُ صَرْفُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرَ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الصَّرْفُ: التَّوْبَةُ، وَالْعَدْلُ