قَالَ: لَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْفَأْرَةَ، وَلَمْ يُذْكرْ عَنْهُ فِيهِ فِدْيَةٌ، وَهُوَ خِلافُ النَّصِّ، وَأَقَاوِيلِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَاسَ الشَّافِعِيُّ عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ كُلَّ سَبُعٍ ضَارٍّ، أَوْ عَادٍ يَعْدُو عَلَى النَّاسِ، وَعَلَى دَوَابِّهِمْ مِثْلَ الذِّئْبِ، وَالْأَسَدِ، وَالْفَهْدِ، وَالنَّمِرِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَنَحْوَهَا، وَقَاسَ عَلَيْهَا كُلَّ حَيَوَانٍ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، فَقَالَ: لَا فِدْيَةَ عَلَى مَنْ قَتَلَهَا فِي الإِحْرَامِ أَوِ الْحَرَمِ، لِأَنَّ الْحَدِيثَ يَشْتَمِلُ عَلَى أَعْيَانٍ بَعْضُهَا سِبَاعٌ ضَارِيَةٌ، وَبَعْضُهَا هَوَامٌّ قَاتِلَةٌ، وَبَعْضُهَا طَيْرٌ لَا تَدْخُلُ فِي مَعْنَى السِّبَاعِ، وَلا هِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْهَوَامِّ، وَإِنَّمَا هُوَ حَيَوَانٌ مُسْتَخْبَثُ اللَّحْمِ، وَتَحْرِيمُ الْأَكْلِ يَجْمَعُ الْكُلِّ، فَاعْتَبَرَهُ، وَرَتَّبَ الْحُكْمَ عَلَيْهِ إِلا الْمُتَوَلِّدَ بَيْنَ الْمَأْكُولِ مِنَ الصَّيْدِ، وَغَيْرُ الْمَأْكُولِ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَيَجِبُ الْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ، لِأَنَّ فِيهِ جُزْءًا مِنَ الْمَأْكُولِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: كُلُّ مَا عَقَرَ النَّاسَ، وَعَدَا عَلَيْهِمْ مِثْلَ الْأَسَدِ، وَالْفَهْدِ، وَالنَّمِرِ، وَالذِّئْبِ، فَهُوَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِنَ السِّبَاعِ لَا يَعْدُو مِثْلَ الضَّبُعِ، وَالثَّعْلَبِ، وَالْهِرِّ، وَمَا أَشْبَهُهَا مِنَ السِّبَاعِ، فَلا يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ.

وَقَالَ: مَا ضَرَّ مِنَ الطَّيْرِ، فَلا يَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ إِلا مَا سَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغُرَابَ، وَالْحِدَأَةَ، وَإِنْ قَتَلَ شَيْئًا سِوَاهُ مِنَ النُّسُورِ، وَالْعِقْبَانِ، وَالرَّخْمِ، فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، وَقَالَ لَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْغُرَابَ الصَّغِيرَ، وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: الْكَلْبُ الْعَقُورُ كُلُّ سَبُعٍ يَعْقِرُ، وَقَدْ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلابِكَ»، فَافْتَرَسَهُ الْأَسَدُ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ؟ فَذَكَرَ هَذِهِ الْخَمْسَةَ، قَالَ: «وَيَرْمِي الْغُرَابَ وَلا يَقْتُلُهُ»، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015