هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ، وَأَخْرَجَاهُ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ
قَالَ الإِمَامُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَالِمِ أَنْ يَطْرَحَ عَلَى أَصْحَابِهِ مَا يَخْتَبِرُ بِهِ عِلْمَهُمْ.
أَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنِ الأُغْلُوطَاتِ».
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: هِيَ شِرَارُ الْمَسَائِلِ، فَمَعْنَاهُ: أَنْ يُقَابِلَ الْعَالِمَ بِصِعَابِ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَكْثُرُ فِيهَا الْغَلَطُ، لِيُسْتَزَلَّ وَيُسْتَسْقَطَ فِيهَا رَأْيُهُ.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ: «أَنْذَرْتُكُمْ صِعَابَ الْمَنْطِقِ»، يُرِيدُ الْمَسَائِلَ الدِّقَاقَ وَالْغَوَامِضَ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهَا، لأَنَّهَا غَيْرُ نَافِعَةٍ فِي الدِّينِ، وَلا يَكَادُ يَكُونُ إِلا فِيمَا لَا يَقَعُ أَبَدًا.
يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَكَلَّفَ لِسُؤَالِ مَا لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَيْهِ، وَإِنْ دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ، فَلا بَأْسَ.
كَمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ أَرَادَ إِظْهَارَ فَضْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَلَى الْقَوْمِ، فَسَأَلَهُمْ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النَّصْر: 1]،