وَقَوْلُهُ: «فَإِنَّكُمْ عَلَى إِرْثِ مِنْ إِرْثِ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ»، أَيْ: عَلَى بَقِيَّةٍ مِنْ شَرَائِعِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، يُرِيدُ: قِفُوا بِعَرَفَاتٍ أَيْنَمَا كُنْتُمْ، وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْحَرَمِ، فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ هُوَ الَّذِي جَعَلَهَا مَشْعَرًا، وَمَوْقِفًا لِلْحَاجِّ، وَمَا يَفْعَلُهُ قُرَيْشٌ مِنَ الْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَتَرْكِ عَرَفَةَ شَيْءٌ أَحْدَثُوهُ مِنْ عَنْدِ أَنْفُسِهِمْ، لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ وَقَفَ بِبَطْنِ عُرَنَةَ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُجْزِئُهُ حَجُّهُ، وَقَالَ مَالِكٌ: حَجُّهُ صَحِيحٌ، وَعَلَيْهِ دَمٌ.
وَمَنْ صَدَرَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَعَلَيْهِ دَمٌ شَاةٍ عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، فَإِنْ عَادَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَعِنْدَ أَصْحَابِ الرَّأْيِ لَا يَسْقُطُ.