يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُهُ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى وُجُوبِهِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَرْكَبِ الْبَحْرَ إِلا حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا، أَوْ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَارًا، وَتَحْتَ النَّارِ بَحْرًا».
وَأَرَادَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ تَهْوِيلَ أَمْرِ الْبَحْرِ، وَخَوْفَ الْهَلاكِ مِنْهُ، كَمَا يَخَافُ مِنْ مُلامَسَةِ النَّارِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلا يُبَيِّنُ لِي أَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ رُكُوبَ الْبَحْرِ لِلْحَجِّ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِ الْعُمْرَةِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى وُجُوبِهَا كَوُجُوبِ الْحَجِّ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّهَا لَقَرِينَتُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [الْبَقَرَة: 196]، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَالْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.