إِلَى أَنَّ يَمِينَ الْكَافِرِ لَا تُوجِبُ الْكَفَّارَةَ، وَلا يَصِحُّ ظِهَارُهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الاعْتِكَافِ إِلا أَنْ يُوجِبَ عَلَى نَفْسِهِ اعْتِكَافًا بِصَوْمٍ، فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا، لِأَنَّ عُمَرَ نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَفَاءِ، وَاللَّيْلُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلصَّوْمِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَا يَخْرُجُ عَنِ النَّذْرِ بِالاعْتِكَافِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ فِي الْمَسْجِدِ الأَقْصَى يُلْزَمُ بِالنَّذْرِ، وَلَوْ عَيَّنَ لِلاعْتِكَافِ مَسْجِدًا غَيْرَ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الثَّلاثَةِ، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ، وَلَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي أَيِّ مَسْجِدٍ شَاءَ، كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَسْجِدٍ سِوَى هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الثَّلاثَةِ لَا يَتَعَيَّنُ، وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ حَيْثُ يَشَاءُ.
وَالثَّانِي: يَتَعَيَّنُ، لأَنَّ الاعْتِكَافَ لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، فَيَتَعَيَّنُ لَهُ الْمَسْجِدُ بِالنَّذْرِ، وَالصَّلاةُ جَائِزَةٌ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، فَلا يَتَعَيَّنُ لَهَا مَسْجِدٌ سِوَى الْمَسَاجِدِ الثَّلاثَةِ لِتَخْصِيصِ الشَّرْعِ إِيَّاهَا، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ».
بعونه تَعَالَى وتوفيقه تمّ الْجُزْء السَّادِس من
(شرح السّنة)
ويليه الْجُزْء السَّابِع، وأوله
كتاب الْمَنَاسِك