وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْمُعْتَكِفَ إِذَا أَخْرَجَ رَأْسَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ لَا يَخْرُجُ عَنِ اعْتِكَافِهِ، وَمَنْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ دَارٍ، فَلا يَحْنَثُ بِإِخْرَاجِ الرَّأْسِ.
وَفِيهِ أَنَّ الْمُعْتَكِفَ يَجُوزُ لَهُ غَسْلُ الرَّأْسِ، وَتَرْجِيلُ الشَّعْرِ، وَفِي مَعْنَاهُ حَلْقُ الرَّأْسِ، وَتَقْلِيمُ الظُّفْرِ، وَتَنْظِيفُ الْبَدَنِ مِنَ الشَّعَثِ وَالدَّرَنِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ لِلْغَائِطِ وَالْبَوْلِ، وَلا يَفْسَدُ بِهِ اعْتِكَافُهُ، وَهُوَ إِجْمَاعٌ، وَلَوْ خَرَجَ لأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ، فَسَدَ اعْتِكَافُهُ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ، فَقَالَ قَوْمٌ: لَهُ الْخُرُوجُ لِلْجُمُعَةِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَشُهُودُ الْجَنَازَةِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنِ، وَالنَّخَعِيِّ.
وَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ لِعِيَادَةٍ، وَلِصَلاةِ جَنَازَةٍ، فَإِنْ خَرَجَ، فَسَدَ اعْتِكَافُهُ إِنْ كَانَ وَاجِبًا إِلا أَنْ يَخْرُجَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ، فَسَأَلَ عَنِ الْمَرِيضِ مَارًّا، أَوْ أَكَلَ، فَلا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: السُّنَّةُ عَلَى