وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَعْتَكِفَ بِغَيْرِ إِذْنِ الزَّوْجِ، وَعَلَى أَنَّ لِلزَّوْجِ إِخْرَاجَهَا مِنْهُ بَعْدَ الإِذْنِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَهُ إِخْرَاجُهَا بَعْدَ الإِذْنِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الاعْتِكَافَ يَخْتَصُّ بِالْمَسْجِدِ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ اعْتِكَافَ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا يَجُوزُ.
وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى جَوَازِ الاعْتِكَافَ فِي جَمِيعِ الْمَسَاجِدِ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ} [الْبَقَرَة: 187]، وَلَمْ يُفَصِّلْ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَأَبِي قِلابَةَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجُوزُ إِلا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ، وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَالْحَكَمِ، وَحَمَّادٍ، وَكَانَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ يَقُولُ: لَا يَكُونُ الاعْتِكَافُ إِلا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلاثَةِ: مَسْجِدِ مَكَّةَ، وَالْمَدِينَةِ، وَبيْتِ الْمَقْدِسِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا يَعْتَكِفُ إِلا فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَعْتَكِفُ أَحَدٌ إِلا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي رَحْبَةٍ مِنْ رِحَابِ الْمَسْجِدِ، وَلا يَعْتَكِفُ فَوْقَ ظَهْرِ الْمَسْجِدِ، وَلا فِي الْمَنَارَةِ.