فَأَرَدْتُ أَنْ أَبْتَاعَهُ مِنْهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «لَا تَبْتَعْهُ وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ».
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ قَزْعَةَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ
وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ مَنَعَهُ عَنْ شِرَاءِ صَدَقَتِهِ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ شَيْءٌ أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكَانَ فِي نَفْسِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَعُودَ، أَشْفَقَ عَلَيْهِ أَنْ تَفْسَدَ نِيَّتُهُ، وَيُحْبَطَ أَجْرُهُ فِيهَا، وَشَبَّهَهُ بِالْعَوْدِ فِي الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ بِالثَّمَنِ، وَهَذَا كَمَا مَنَعَ الْمُهَاجِرِينَ بَعْدَ الْفَتْحِ عَنْ مُعَاوَدَةِ دُورِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ تَرَكُوهَا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.