لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، فَلا يَحِلُّ إِلا بِطِيبَةِ نَفْسِهِ، كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ، وَكَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ سَقْيُ زَرْعِ غَيْرِهِ مِنْ فَضْلِ مَائِهِ، لَا يَجِبُ سَقْيُ مَاشِيَتِهِ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ مَنْعُ فَضْلِ الْمَاءِ، وَلَكِنْ لَهُ طَلَبُ الْقِيمَةِ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِطْعَامُ الْمُضْطَرِّ، وَلَهُ طَلَبُ الْقِيمَةِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ بَذْلُهُ مَجَّانًا، لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ»، وَلَيْسَ كَالطَّعَامِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ، لِأَنَّ مُنْقَطَعُ الْمَادَّةِ غَيْرُ مُسْتَخْلَفٍ، وَالْمَاءُ مُسْتَخْلَفٌ مَا دَامَ فِي مَنْبَعِهِ حَتَّى لَوْ جَمَعَ الْمَاءَ فِي حَوْضٍ، أَوْ خَزَنَهُ فِي إِنَاءٍ، فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ غَيْرِهِ كَالطَّعَامِ.
وَلا يَجِبُ سَقْيُ زَرْعِ الْغَيْرِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِنَ الْحُرْمَةِ مَا لِلْحَيَوَانِ بِدَلِيلِ أَنَّ إِطْعَامَ الْحَيَوَانِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الاضْطِرَارِ وَاجِبٌ، وَلا يَجِبُ سَقْيُ الزَّرْعِ.
وَهَذَا فِي الْفَضْلِ عَنْ حَاجَتِهِ، وَحَاجَةِ عِيَالِهِ وَمَاشِيَتِهِ وَزْرِعِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ حَاجَتِهِ، لَا يَجِبُ أَنْ يَجُودَ عَلَى الْغَيْرِ بِهِ.
1669 - أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، نَا السَّيِّدُ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ، أَنا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ بْنِ سَهْلٍ