فَقُلْتُ: لَلِقْحَتُنَا خَيْرٌ مِنْ وَقِيَّةٍ، فَرَجَعْتُ، وَلَمْ أَسْأَلْهُ
اللِّقْحَةُ: النَّاقَةُ الْمَرِيَّةُ.
الْوَقِيَّةُ: أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا.
وَقَوْلُهُ: «أَوْ عَدْلُهَا» يُرِيدُ قِيمَتَهَا، وَعَدْلُ الشَّيْءِ: مَا كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ فِي الْقِيمَةِ، وَعِدْلُهُ بِكَسْرِهِ: إِذَا كَانَ مِثْلَهُ فِي الصُّورَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ، فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنَ النَّارِ»، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا يُغْنِيهِ؟ قَالَ: «قَدْرُ مَا يُغَدِّيهِ وَيُعَشِّيهِ».
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَحِلُّ لِلْأَغْنِيَاءِ إلّا لِخَمْسَةٍ اسْتَثْنَاهُمُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْغَنِيِّ الَّذِي يُمْنَعُ أَخْذَ الصَّدَقَةِ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مَنْ مَلَكَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا لَا تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ، لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَقَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى الرَّجُلُ مِنَ الزَّكَاةِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: حَدُّهُ أَنْ يَمْلِكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَالشَّرْعُ أَمَرَ بِأَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ، وَدَفْعِهَا إِلَى الْفُقَرَاءِ، وَهَذَا قَدْ ثَبَتَ غِنَاهُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ، فَخَرَجَ عَنْ حَدِّ الْفُقَرَاءِ.