كُلِّ صَحِيفَةٍ، أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحَرَّقَ ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: فِيهِ الْبَيَانُ الْوَاضِحُ أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ جَمَعُوا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ الْقُرْآنَ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ أَنْ زَادُوا فِيهِ، أَوْ نَقَصُوا مِنْهُ شَيْئًا، وَالَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى جَمْعِهِ مَا جَاءَ بَيَانُهُ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ مُفَرَّقًا فِي الْعُسُبِ، وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ، فَخَافُوا ذَهَابَ بَعْضِهُ بِذَهَابِ حَفَظَتِهِ، فَفَزِعُوا فِيهِ إِلَى خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَعَوْهُ إِلَى جَمْعِهِ، فَرَأَى فِي ذَلِكَ رَأْيَهُمْ، فَأَمَرَ بِجَمْعِهِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، بِاتِّفَاقٍ مِنْ جَمِيعِهِمْ، فَكَتَبُوهُ كَمَا سَمِعُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ أَنْ قَدَّمُوا شَيْئًا أَوْ أَخَّرُوا، أَوْ وَضَعُوا لَهُ تَرْتِيبًا لَمْ يَأْخُذُوهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَقِّنُ أَصْحَابَهُ، وَيُعَلِّمُهُمْ مَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ