وَرُوِيَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ».
ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ هَذَا مِنَ الْمَقْلُوبِ، وَمَعْنَاهُ: «زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ»، وَيُرْوَى هَكَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا يُقَالُ: عَرَضْتُ النَّاقَةَ عَلَى الْحَوْضِ، أَيْ: عَرَضْتُ الْحَوْضَ عَلَى النَّاقَةِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَسْمُوعَ مِنْ قِرَاءَةِ الْقَارِئِ هُوَ الْقُرْآنُ، وَلَيْسَ بِحِكَايَةِ الْقُرْآنِ.
وَقِيلَ: مَعْنَى «التَّغَنِّي» هُوَ الاسْتِغْنَاءُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، فَمَعْنَاهُ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِالْقُرْآنِ عَنْ غَيْرِهِ.
وَسُئِلَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، عَنْ هَذَا، فَقَالَ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَتَغَنَّى إِذَا رَكِبَتِ الإِبِلَ، وَإِذَا جَلَسَتْ فِي الأَفْنِيَةِ، وَعَلَى أَكْثَرِ أَحْوَالِهَا، فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ أَحَبَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ هِجِّيرَاهُمْ مَكَانَ التَّغَنِّي.