قَوْلُهُ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، وَكَسَفَتْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَرَجُلٌ كَاسِفٌ، أَيْ: مَهْمُومٌ قَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، يُقَالُ: كَسَفَ بَالُهُ: إِذَا حَدَّثَتْهُ نَفْسُهُ بِالشَّرِّ، وَيُقَالُ: كُسُوفُ بَالِهِ: أَنْ يَضِيقَ عَلَيْهِ أَمَلُهُ.
وَقَوْلُهُ «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ» مَعْنَاهُ: أَنَّهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ كُسُوفَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ يُوجِبُ حُدُوثَ تَغْيِيرٍ فِي الْعَالَمِ، مِنْ مَوْتٍ وَضَرَرٍ، وَنَقْصٍ وَنَحْوِهَا، فَأَعْلَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ، وَأَنَّ خُسُوفَهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لِيَعْلَمُوا أَنَّهُمَا خَلْقَانِ مُسَخَّرَانِ لَيْسَ لَهُمَا سُلْطَانٌ فِي غَيْرِهِمَا، وَلا قُدْرَةٌ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا، وَأَمَرَ عِنْدَ كُسُوفِهَا بِالْفَزَعِ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلاةِ، إِبْطَالا لِقَوْلِ الْجُهَّالِ الَّذِينَ يَعْبُدُونَهُمَا، وَنَفْيًا لِلْفِعْلِ عَنْهُمَا، وَتَحْقِيقًا أَنَّ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ.