إِنِّي لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ، وَالْكَبِيرَ، وَذَا الْحَاجَةِ».
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ
وَرُوِيَ عَنْ مَكْحُولٍ الدِّمَشْقِيِّ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ صَلَّى بِالنَّاسِ، وَلَمْ يَرَ مَطَرًا، وَلَيْسَ فِي الْمَسْجِدِ إِلا سَقِيفَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ إِذَا النَّاسُ قَدْ مُطِرُوا، فَقَالَ: أَمَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ رَجُلٌ فَقِيهٌ يَقُولُ: أَيُّهَا الْمُطَوِّلُ عَلَى النَّاسِ خَفِّفْ، فَإِنَّهْمُ قَدْ مُطِرُوا.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، اخْتَارُوا أَنْ لَا يُطِيلَ الإِمَامُ الصَّلاةَ، مَخَافَةَ الْمَشَقَّةِ عَلَى الضَّعِيفِ، وَالإِطَالَةِ عَلَى ذِي الْحَاجَةِ، فَإِنْ أَرَادَ الْقَوْمُ كُلُّهُمُ الإِطَالَةَ، فَلا بَأْسَ.