وَكَانَ الزَّمَانُ زَمَانَ نَسْخٍ، فَكَانَ كَلامُهُ عَلَى هَذَا التَّوَهُّمِ فِي حُكْمِ كَلامِ النَّاسِي، وَكَلامُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جَرَى عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَكْمَلَ الصَّلاةَ، فَكَانَ فِي حُكْمِ النَّاسِي.
وَفِي تَسْمِيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَا الْيَدَيْنِ، دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّلْقِيبِ لِلتَّعْرِيفِ لَا لِلشَّيْنِ وَالتَّهْجِينِ.
وَفِي قَوْلِهِ: «لَمْ أَنْسَ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ نَاسِيًا: لَمْ أَفْعَلْ كَذَا، وَكَانَ قَدْ فَعَلَهُ لَا يُعَدُّ كَاذِبًا، لأَنَّ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ عَنِ الإِنْسَانِ مَرْفُوعٌ، وَالإِثْمَ فِيهِمَا عَنْهُ مَوْضُوعٌ.
وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «إِنَّمَا أَنْسَى لأَسُنَّ».
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا سَهَا فِي صَلاةٍ وَاحِدَةٍ مَرَّاتٍ، أَجْزَأَتْهُ لِجَمِيعِهَا سَجْدَتَانِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَّمَ عَنْ رَكْعَتَيْنِ، وَتَكَلَّمَ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى السَّجْدَتَيْنِ، وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، وَحُكِيَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يَلْزَمُهُ لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَشَهَّدُ لِسَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَإِنْ سَجَدَهُمَا بَعْدَ السَّلامِ.
أَمَّا سُجُودُ السَّهْوِ، إِنْ أَتَى بِهِ قَبْلَ السَّلامِ، لَا يَتَشَهَّدُ لَهُ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، بَلْ يُسَلِّمُ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ إِذَا أَتَى بَعْدَ السَّلامِ، هَلْ يَتَشَهَّدُ