الجملة فهو كالنظر إلى المقيد بدون قيده فلا يقال إذا كان إحرامه معلقًا على إحرام زيد ولم يوجد منه إحرام فالقياس أن لا يلزم هذا إحرام وانظر لو تبين له بعد تعيين شيء ما أحرم به زيد وتبين أنه مخالف لما عينه هو فهل يرجع لما أحرم به زيد أو يبقى على ما نواه.
تنبيه: إنما جرى هنا التردد في جواز إحرامه بما أحرم به زيد وجزم بجوازه في الصلاة بقوله وجاز له دخول على ما أحرم به الإِمام لشدة ارتباط صلاة المأموم بصلاة إمامه وتبعيته له لكون الاقتداء في الصلاة مطلوبًا ولا كذلك الحج أجيب أيضًا بأن الصلاة لتكررها جزم فيها بالجواز بخلاف هذا لعدم تكرره وبأن الحج له أنواع ولا قرينة تصرفه لأحدها بخلاف الصلاة فإن الوقت قرينة على إرادة ما دخل وقته (وندب) أي فضل (أفراد) على قران وتمتع لأنه لا هدي فيه إذ الهدي للنقص وعبادة لا نقص فيها أفضل قاله تت ولا ينتقض ذلك بالصلاة المرقعة لأن السجود فيها المقتضي لفضلها إنما هو لترغيم الشيطان ولأن المصلي يدخل عليه السهو من غير قصده بخلاف ما هنا فإنه فعل قصدًا ما يوجب الهدي وظاهر المصنف كظاهر أهل المذهب أفضليته على الأمرين بعده وإن لم ينو فعل عمره بعده ونقل سند عن الشافعية أن أفضلية الإفراد إذا كان بعده عمرة وإلا فالقران أفضل (ثم قران) يلي الإفراد في الفضل لأن القارن في عمله كالمفرد والمشابه للأفضل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عن المذهب وعليه يكون التردد في كلام المصنف على حقيقته وقول ز تنبيه إنما جرى هنا التردد الخ نقل ق فيما تقدم في الصلاة عن ابن رشد ما يفيد أن الإبهام في الحج أصل للإبهام في الصلاة (وندب أفراد) قول ز ولا ينتقض ذلك بالصلاة المرقعة الخ هذا الكلام مبني على ما قدمه أول السهو من أن الصلاة المرقعة أفضل من غيرها وتقدم ما فيه وبه يبطل ما هنا والله أعلم وقول ز ونقل سند عن الشافعية الخ ما نقله سند عنهم نقله المقري في قواعده عن مالك ومحمد قال ح ولم أر من صرح بذلك من المالكية غيره اهـ.
تنبيه: قد اختلفت أحاديث الصحيح فيما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك وحاصل الروايات أنه عليه الصلاة والسلام أحرم بالإفراد ثم استقر أمره على القران لما بات بوادي العقيق وقيل له قل عمرة في حجة فأحرم بعمرة وقد روي عنه عليه الصلاة والسلام القران بضعة عشر صحابيًّا ورواياتهم لا تحتمل التأويل إلا بتعسف ولم يختلف عنهم في ذلك كما اختلف عمن روى الإفراد والتمتع ومع ذلك فهذا يجمع بين الروايات فمن قال بالإفراد أخبر عن أول أمره ومن قال بالقران أخبر عن آخره ومن قال متمتعًا فمعناه أنه أمر به لا فعله فإنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام إنه لم يحل حتى أتم حجه وفي البخاري التصريح بأنه أهل بعمرة ثم أهل بحج فالبداءة كانت بالعمرة ثم أردف عليها الحج بعد أن أفرد العمرة فآل الأمر إلى القران وإن كان أول أمره مفردًا باعتبار العمرة هذا ملخص ما نقله ابن حجر عن الطحاوي وابن حبان وغيرهما والذي اختاره عياض أنه عليه الصلاة والسلام أحرم أولًا بالحج مفردًا ثم أردف عليه العمرة بوادي العقيق فآل أمره إلى القران قال ابن حجر وهذا الجمع هو المعتمد وقد سبق إليه ابن المنذر وابن حزم والطبري اهـ.