وتقدم اعتبار النظر لما في نفس الأمر في الرجوع عن العتق وفي بيوع الآجال ولما فرغ من الكلام على رجوع الشهود عن الشهادة تكلم على تعارض البينتين وهو اشتمال كل منهما على ما ينافي الأخرى فقال (وإن أمكن جمع بين البينتين) المتعارضتين (جمع)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وزعم المصنف في ضيح أن ما قاله ابن الحاجب هو مقتضى الفقه لأن الشهود غرماء غريمه ولعله لهذا تبعه هنا وما كان ينبغي له ذلك اهـ.
بخ من غ وبه تعلم ما في قول ز وفي الشارح ناقلًا عن ظاهر الموازية أنه لا يلزمهما غرم فتأمله (وإن أمكن جمع بين البينتين) ابن عرفة تعارض البينتين أن يشتمل كل منهما على ما ينافي الأخرى فمهما أمكن الجمع بينهما جمع كالدليلين اهـ.
ونص كلام المتيطي ومن ادعى أنه أسلم هذا الثوب في مائة أردب حنطة وقال المسلم إليه بل ثوبين غيره في مائة أردب من حنطة وأقام كل واحد منهما بينة على دعواه كانت الثلاثة الأثواب في المائتين لأن بينة كل واحد منهما شهدت على غير ما شهدت به بينة الآخر قال ابن عبدوس هذا إن كان ذلك في مجلسين وأما إن كان في مجلس واحد فهو تكاذب وقال بعض القرويين سواء كان ذلك في مجلس واحد أو في مجلسين لأن كل بينة أثبتت حكمًا غير ما أثبتت صاحبتها ولا قول لمن نفى ما أثبته غيره ولو لم يقيما بينة لتحالفا وتفاسخا ومن أقام بينة على أنه أسلم هذا العبد في مائة أردب حنطة وأقام البائع بينة على أن ذلك العبد وثوبًا معه في المائة الأردب فقال ابن القاسم أن العبد والثوب يكونان في المائة ويقبل قول البائع لأن بينته شهدت بالأكثر اهـ.
والمسألتان معًا في المدونة قال ابن عرفة ولابن رشد في سماع يحيى أن شهدت إحدى البينتين بخلاف ما شهدت به الأخرى مثل أن تشهد إحداهما بعتق والثانية بطلاق أو إحداهما بطلاق امرأة والثانية بطلاق امرأة أخرى وشبه هذا فلم يختلف قول ابن القاسم ورواية المصريين في أنه تهاتر يحكم فيه بأعدل البينتين فإن تكافأتا سقطتا وروى المدنيون أنه يقضي بهما معًا إذا استوتا في العدالة أو كانت إحداهما أعدل ثم قال ابن عرفة وقول ابن الحاجب ومهما أمكن الجمع جمع يدل على أنه إن شهدت إحداهما بأنه طلق الكبرى والأخرى بأنه إنما طلق الصغرى أنه يجمع بينهما وتقدم من نقل ابن رشد رحمه الله أنه خلاف قول ابن القاسم ورواية المصريين اهـ.
قال ح: وفي كلامه نظر من وجهين: الأول: أن ما لزم ابن الحاجب لزمه لأنه صدر في أول كلامه بمثل ما قال ابن الحاجب كما تقدم عنه. الثاني: أن ما نقله عن ابن رشد لا يمكن الجمع فيه لأن فرض المسألة أن البينتين في مجلس واحد وكل واحدة تنفي أن يكون تكلم بغير ما شهدت به ويتبين ذلك بنقل المسألة بلفظها ونقل سماع يحيى فانظره وبه يتبين لك أن الجمع بين البينتين مقيد بكون شهادتهما في مجلسين لا في مجلس واحد وأن به يسقط اعتراض ابن عرفة على ابن الحاجب الذي عبارته كعبارة المصنف والله تعالى أعلم