السماع فقال: (وجازت بسماع) أي أذن فيها إذ قد تجب (فشا عن ثقات وغيرهم) أي يعتمدون على ذلك في شهادتهم وإن لم ينطقوا به بل قالوا لم نزل نسمع أن هذه الدار حبس أو ملك فلان كما في المدونة فإن نطقوا فزيادة بيان واختلف في اعتمادهم على ذلك أو نطقهم به هل لا بد من الجمع بين الثقات وغيرهم وعليه أبو الحسن على المدونة المتيطي وبه العمل ونحوه لابن فتوح أو يكتفي بأحدهما وهو قول ابن القاسم وهو الأشهر وعليه قالوا في قوله وغيرهم بمعنى أو لمنع الخلو لا لمنع الجمع وإنما جازت شهادة السماع للضرورة وإن كانت على خلاف الأصل إذ الأصل أن الإنسان إنما يشهد بما تدركه حواسه قاله أبو إسحاق وقوله بسماع متعلق بجازت ويمكن أن يتعلق بضمير جازت العائد على الشهادة بناء على جواز عمل المصدر مضمرًا أو الباء بمعنى عن متعلقة بمحذوف أي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وبالجملة الظاهر ما قاله ابن رشد وأن يحمل كلام ابن القاسم عليه وكذا كلام المصنف والله الموفق للصواب.
تنبيهان: الأول: قال ابن عرفة الذي عليه العمل عندنا أنه إن عين الشاهد في الوثيقة من عرفه بالمشهود عليه فشهادته ساقطة وصارت كالنقل عمن عرفه اهـ.
الثاني: إذا لم يذكر الموثق في الوثيقة المعرفة ولا التعريف فظاهر كلام المتيطي أن ذلك لا يقدح في شهادته ومقتضى كلام ابن سهل وابن فتوح أن ذلك يبطلها وقال ابن عرفة الأظهر إن كان الشاهد معلوم الضبط والتحفظ قبلت شهادته وإن لم يذكر معرفة ولا تعريفًا وإلا ردت إلا أن تكون على مشهور معروف كالرؤساء اهـ.
فهي أقوال ثلاثة انظر الفائق (وجازت بسماع فشا) ابن عرفة شهادة السماع لقب لما يصرح الشاهد فيه باستناد شهادته لسماع من غير معين فتخرج شهادة البت والنقل اهـ.
وقول ز واختلف في اعتمادهم على ذلك أو نطقهم به الخ الذي يفيده كلام الأئمة أن الخلاف إنما هو في النطق كما يدل عليه ما يأتي وقول ز أو يكتفي بأحدهما وهو الأشهر الخ تبع ح ونصه ظاهر كلام المصنف أنه لا بد من الثقات وغيرهم وهذا قول ذكره في ضيح عن بعضهم ومذهب المدونة خلافه ويحتمل أن يكون مراد المصنف أنه يشترط فيها أن يكون السماع فاشيًا سواء كان في الثقات أو من غيرهم وهذا هو الراجح اهـ.
ثم قال فيحمل كلام المصنف على المحمل الثاني ليكون موافقًا لظاهر المدونة كما قال المازري وعلى هذا عول العبدوسي في قصيدته اهـ وفيه نظر بل الجمع بين الثقات وغيرهم كما هو ظاهر المصنف هو الذي اعتمده الباجي إذ قال شهادة السماع أن يقولوا سمعنا سماعًا فاشيًا من العدول وغيرهم وإلا لم تصح ونحوه لابن سهل وابن سلمون وابن فتوح قائلًا شهادة السماع لا تكمل إلا أن ينص فيها على أهل العدل وغيرهم وعلى هذا مضي عمل الناس ونقله ابن عرفة وأقره قال طفى بعدما ذكره فعلم أن عدم اشتراط العدالة لا مستند له إلا ما يؤخذ من ظاهر المدونة وغيرها وقد قيدها أبو الحسن بقول محمد المتيطي صرح بأنه إذا لم يجمع بين الأمرين لم تصح وبه العمل اهـ.