وحليته بحيث يبقى المعوّل عليه إنما هو من وجدت فيه تلك الأوصاف وهو استثناء مفرغ في الأحوال أي لا يشهد على من لا يعرف في حال من الأحوال إلا في حال وجود شخص ذلك بعينه ولا يعرف نسبه وليس تفريعًا في الذوات لئلا يلزم اتحاد المستثنى والمستثنى منه إذ الواقع هنا أنه واحد واستثنى حالًا من ذات ومثل جهل سبه علمه حيث تعدد المنسوب لمعين كمن له بنتان فاطمة وزينب وأراد الشاهد الشهادة على فاطمة فلا يشهد إلا على عينها إلا أن يحصل له العلم بها وإن بامرأة وأما إن لم يكن للمعين إلا بنت واحدة لا يعرف له غيرها فمن معروفة النسب لأن الحصر فيها ظاهر بالقرينة (ويسجل) القاضي في شهادة بينة على عين امرأة لعدم معرفة نسبها بدين وقالت إنها ابنة فلان (من زعمت أنها ابنة فلان) وليس له أن يكتب ابنة فلان من غير بينة أنها بنته ويجري مثل ذلك في الرجل والشهادة على الصفة في ذلك كالشهادة على العين ومثل زعمت ذكرت أو قالت وذكر وقال وخص النساء لغلبة الجهل بهن وفائدة تسجيل ما ذكر عدم ثبوت نسبها بذلك إذ القصد ثبوت الدين فقط بل ولو ترك القاضي تسجيل زعمت أو زعم وكتب اشترى فلان ابن فلان أو فلان الشريف سلعة كذا مثلًا فلا يثبت به نسبه ولا شرفه عندنا حيث كان مجهولًا وأثبت ذلك أبو حنيفة والشافعي قال السيوطي في ألفيته الأصولية:
والحكم بالنسبة مدلول الخبر ... دون ثبوتها على القول الأبر
من ثم قال مالك من شهدا ... في ذا بتوكيل فما عنه اعتدا
للانتساب وإمامنا ذهب ... وكالة أصلًا وضمنًا بالنسب
(ولا) تجوز الشهادة أي تحملها (على منتقبة) بل يكشف عن وجهها ليشهد على عينها وصفتها (لتتعين) أي انتفاء الجواز لأجل أن تتعين (للأداء) أي يطلب من الشاهدين على إقرارها بحق لشخص أن يتحملا الشهادة عليها بعد معرفة عينها من غير نقاب لأنهما لو شهدا عليها منتقبة لم يؤدوا شهادتهم عليها لعدم معرفة عينها ووجهها فقوله ولا على منتقبة أي تحملا كما قررنا أو أداء كما يفيده قوله لتتعين للأداء فالتعليل للنفي لا للمنفي الذي هو منتقبة فهو كقوله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: 157] أي انتفاء القتل متيقن وهذا في غيره معروفة النسب وفي معروفته حيث كان لها أخت فأكثر ولم تتميز عند الشاهد عن مشاركتها وإما معروفته المنفردة أو المتميزة عنده عن مشاركتها فيشهد عليها منتقبة ورتب على معروفته قوله: (وإن قالوا) أي العدول (أشهدتنا) معروفته بدين عليها لزيد مثلًا حالة كونها (منتقبة وكذلك نعرفها) وإن كشفت عن وجهها لا نعرفها (قلدوا) أي قطع بشهادتهم ولو أنكرتها لأنهم عدول وليس عليهم إخراجها إن قيل لهم عينوها وأما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ونقله غ (ولا على منتقبة لتتعين) ضيح هذا مخصوص بالنكاح وأما الحقوق كالبيوع والهبات والوكالات ونحوها فلا يشهد عليها في شيء من ذلك إلا من يعرف عينها واسمها والفرق بين النكاح وغيره ما يخشى أن يموتوا فيشهد عى خطوطهم فنلزم باطلًا اهـ.