ويجوز فيه الجر والنصب لا الرفع نظر المحل المستثنى منه لأن مراعاته إنما تجوز في التابع غير المقترن بأداة الاستثناء كما يظهر من بابي أعمال المصدر والاستثناء (لا نساء في كعرس) وحمام ووليمة ومأتم بميم مفتوحة فهمزة ساكنة فمثناة فوقية مفتوحة أي حزن (في جرح أو قتل) متعلق بالأمرين الأول إثباتًا فلا تصح شهادة الصبيان في مال والثاني نفيًا فتصح شهادة النساء في مال ولا قسامة مع شهادة الصبيان لأنها إنما تكون في القتل والصبيان لا قصاص عليهم وإنما عليهم الدية في العمد والخطأ والجرح بفتح الجيم كما يدل عليه قرانه بالقتل فإن قيل لا حاجة للنص على عدم شهادة النساء في الجرح أو القتل لأنهن لا يقبلن فيهما بانفرادهن عمدًا كان أو خطأ فالجواب أنه لدفع توهم قبول شهادتهن كالصبيان فإن قيل عدم قبولهن واضح في العمد لقوته وأما في الخطأ فكان ينبغي قبولهن فيه مع شاهد أو يمين لأنه آيل لمال فالجواب إن اجتماعهن غير مشروع فهو قادح في عدالتهن واغتفر فيما لا يظهر للرجال كالولادة للضرورة والصبيان يطلب اجتماعهم لندب تدريبهم على تعلم الرمي والصراع وغير ذلك مما يدربهم على حمل السلاح والكر والفر والغالب أن الكبار لا يحضرون معهم فلو لم تقبل شهادة بعضهم على بعض لأدى إلى هدر دمائهم فلذا أجازها مالك وجماعة من الصحابة منهم علي ومعاوية ومنعها الأئمة الثلاثة وجماعة من الصحابة منهم ابن عباس وذكر شروط الصبي الشاهد بقوله: (والشاهد حر) تضمن اشتراط الإسلام لأن عدم شهادة العبد لرقه الذي أثر كفر فالمتمحض للكفر أولى فقول تت في صغيره سكت عن اشتراط الإسلام مراده صريحًا (مميز) لأن غيره لا يضبط ما يقول ولا يثبت على ما فعله ولا بد من كونه ابن عشر سنين وما قاربها في القلة كما في المدونة وليس في كلامه ما يدل عليه (ذكر) فلا تجوز شهادة الإناث من الصبيان وإن كثرت قاله في المدونة يريد ولو كان معهن ذكر وهذا يقتضي أن لفظ صبيان يستعمل في الإناث أيضًا (تعدد ليس بعدوّ) للمشهود عليه سواء كانت العداوة بين الصبيان أنفسهم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مذكور فإن قدر مرفوعًا جاز الرفع اتباعًا والنصب على الاستثناء وإن قدر مجرورًا فالجر اتباعًا والنصب دون الرفع واعتبار المحل وعدمه إنما يظهر فيما هو مذكور وما قاله من أن مراعاة المحل إنما تكون في غير المقترن بإلا غير صحيح وقد صرح ابن هشام وغيره في باب الاستثناء بأنه إذا تعذر الاتباع على اللفظ اتبع على المحل نحو لا إله إلا الله ونحو ما فيها من أحد إلا زيد برفعهما (لا نساء في كعرس) سقوط شهادتهن في كعرس ظاهر الجلاب أنه المذهب كما في ابن عرفة وصححه ابن الحاجب وجعله في ضيح هو المشهور قال فيه والفرق للمشهور أن شهادة الصبيان على خلاف الأصل فلا يجوز القياس عليها اهـ.
(في جرح أو قتل) ابن عرفة الباجي إذا جوزت في القتل فقال غير واحد من أصحاب مالك لا تجوز فيه حتى يشهد العدول على رؤية البدن مقتولًا ابن رشد رواه ابن القاسم عن مالك وقاله غير واحد من أصحابه اهـ.