متعددًا (و) بخلاف شهادة (القافلة) وأبدل منه (بعضهم لبعض في حرابة) على من حاربهم فيجوز أن يشهد عدلان منهم لبعض بأخذ مال أو بنفس أو بسبب ويحتمل أنه بدل مقطوع مرفوع خبره في حرابة وهذه وإن كانت فيها شهادة كل للآخر كالسابقة إلا أنه ربما يتوهم في هذه عدم الجواز لما بينهم وبين المحاربين من العداوة الدنيوية فقبلت هنا للضرورة (لا المجلوبين) كذا في بعض النسخ بياء الجمع وهو مجرور فقط عطفًا على لفظ القافلة قال ابن مالك:
وجر ما يتبع ما جر
أي لا تجوز شهادة المجلوبين بعضهم لبعض أي وفي بعضها بواو الجمع عطفًا على لفظ بعضهم المرفوع على البدلية في أحد وجهيه المتقدمين أو على محل القافلة إذ محله الرفع لأن التقدير أن تشهد القافلة قال ابن مالك:
ومن راعى في الاتباع المحل فحسن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(والقافلة بعضهم لبعض) قيد في المدونة هذا يكون الشهود عدولًا وهو ظاهر المصنف لأن سياقه فيمن تقبل شهادته خلافًا لتت وهذا إذا شهدوا في حرابة وأما أن شهدوا لبعضهم على بعض في المعاملات فنقل المواق من رواية الأخوين عن مالك وجميع أصحابه إنهم يجيزونها للضرورة بمجرد توسم الحرية والعدالة في ذلك السفر وحده وإن لم يتحقق العدالة وعليه درج في التحفة إذ قال:
ومن عليه وسم خير قد ظهر ... زكي إلا في ضرورة السفر
(لا المجلوبين) قول ز عطفًا على لفظ القافلة الخ فيه نظر بل هو معطوف على قوله وشهادة كل للآخر لا على القافلة لأنه يوهم تقييد القافلة بذلك وإنه راجع إليها وليس كذلك قاله الشيخ أبو زيد قال طفى عمم المصنف رحمه الله تعالى في توضيحه ومختصره في عدم قبول شهادة المجلوبين مع أن المسألة مفروضة في الشهادة بالنسب وعلى ذلك قرره ابن مرزوق وفي المدونة قال مالك في الحصين بفتح فيسلم أهله فيشهد بعضهم لبعض فإنهم يتوارثون بأنسابهم كما كانت العرب حين أسلمت وأما العدد القليل يحملون إلينا فهؤلاء لا تقبل شهادة بعضهم لبعض إلا أن يشهد سواهم من تجار أو أسارى كانوا عندهم فيتوارثون بذلك قال ابن القاسم والعشرون عدد كثير اهـ.
نقله المواق فقوله وأما العدد القليل الخ هو مراد المصنف بالمجلوبين وقد علمت إنه مفروض فيها في التوارث بالنسب وعلى ذلك قصرها أبو الحسن وهل تشترط العدالة في العشين أم لا ظاهر المدونة عدم اشتراطها وهو الذي اختاره التونسي واللخمي والمازري وهو مبني على اختيارهم أن الشهود إذا كثروا لا ينظر إلى عدالتهم لحصول العلم بخبرهم ولو وجدت العدالة يكفي اثنان وظاهر كلامهم إن العشرين كلهم شهود فإن قلت في المدونة شهد بعضهم لبعض قلت المراد من ذلك إنهم متفقون على الشهادة يشهدون لهذا ولهذا فالعشرون حينئذٍ كلهم شهود انظر طفى وتأمله اهـ.