ترجيح الميزان (وهو مقدم) على البينة الشاهدة بالعدالة لأنها تحكي عن ظاهر الأمر والمجرحة تحكي عن باطنه وأيضًا المجرح متمسك بالأصل (وإن شهد) المزكى بالفتح (ثانيًا) قبل تمام عام وجهل حاله (ففي الاكتفاء بالتزكية الأولى) وعدمه إن لم يكثر معدلوه (تردد) فإن لم يجهل حاله بل عرف بالخير أو كثر معدلوه لم يحتج بتزكية أخرى فإن شهد مجهول الحال بعد سنة ولم يكن زكاه قبلها كثيرون احتيج لإعادتها ثانيًا وعطف على قوله
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فيعلم باطنه كما يعلم ظاهره قال يريد يعلم باطنه في غالب الأمر لا أنه يقطع بذلك قال ابن غازي والذي في أصل المتيطي وتجوز تزكية من لا يعرف اسمه إذا كان مشهورًا بكنية أو لقب لا يعز عليه ذكره ورب رجل مشهور بكنيته لا يعرف له اسم وهذا كأشهب بن عبد العزيز لا يكاد أكثر الناس يعرف اسمه مسكين وسحنون بن سعيد اسمه عبد السلام وقد غلب عليه سحنون في حياته وبعد وفاته وبه كان يخاطب عن نفسه اهـ.
وبه تعلم ما في كلام ز رحمه الله تعالى والله أعلم.
فائدة: لا ينبغي الإسراع إلى التزكية لصعوبتها ولذلك حذروا من الشهادة في ست مسائل وهي التزكية والشهادة على الخط والجرح والتحجير والرشد والتدمية ونظمها بعضهم فقال:
أترك شهادة بجرح تزكيه ... رشد وتحجير وخط تدميه
اهـ.
(وهو مقدم) سمع القرينان مالكًا في الشاهد يعدله الرجلان ويأتي المطلوب برجلين يجرحانه قال ينظر في ذلك إلى الشهود أيهم أعدل وقال ابن نافع المجرحان أولى ويسقط التعديل وقال سحنون مثله ابن رشد قول ابن نافع وسحنون هو دليل ما في كتاب السرقة من المدونة وراوية عيسى عن ابن القاسم عن مالك وفي المسألة قول ثالث حكاه في المبسوط عن مطرف وابن وهب وهو أن التعديل أولى من التجريح وهذا الاختلاف إنما هو إذا لم يبين المجروحون الجرحة وتعارضت الشهادة في الظاهر بأن يقول المعدلون هو عدل جائز الشهادة ويقول المجرحون هو مسخوط غير جائز الشهادة فأما إذا بين المجرحون المجرحة فلا اختلاف في أن شهادتهم أعمل من شهادة المعدلين وإن كانوا أقل عدالة منهم ولكل قول منها وجه ثم قال بعد توجيهها والقول بأن شهادة المجرحين أعمل هو أظهر الأقوال وأولاها بالصواب اهـ.
منه وقال ابن سهل تقديم الجرح على التعديل أصح في النظر وقائله كثير وعليه العمل اهـ.
وقال المتيطي لما تعرض لاختلاف الشهود في الكفاءة في النكاح ما نصه والذي مضى به العمل أن التجريح أتم شهادة لأنهم علموا من الباطن ما لم يعرفه المعدلون وهو قول ابن نافع وسحنون اهـ.
وقال في كتاب الشهادة من نهايته أيضًا ما نصه وشهادة التجريح أقوى من شهادة التعديل فيبطل بشهادة عدلين شهادة من يعدله العدد الكثير من الرجال العدول لأن المجرح علم من باطن حال المجرح ما لم يعلمه المزكي هذا هو القول المشهور من قول مالك وأصحابه اهـ.