الغائب ذى الحكم بالغائب فقال: (وحكم بما يتميز) حال كون لمحكوم به (غائبًا) عن المد الحكم وعن محل ولايته وهو مما يتميز (بالصفة) كعبد وثوب ولا يطلب حضوره مجلس الحكم فحكمه (كدين) أي كما يحكم بالدين المتميز بالصفة فإن كان لا يتميز بالصفة كحديد وحرير فإن شهدت بينة بقيمته مقومًا أو مثليًّا حكم بها أيضًا وإلا فلا وإنما اعتبرت القيمة في المثلى لجهل صفته واحترز بقوله غائبًا عما في البلد فلا بد من إحضاره مجلس الحكم يتميز بالصفة أم لا ولما ذكر الشخص الغائب عن محل ولايته ولكنه متوطن بها ذكر الغائب في محل ولايته ومن لازمه توطنه بها بقوله: (وجلب الخصم بخاتم أو رسول) أو
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بلفظه فانظر قوله فأرى إن كانت الغيبة مثل ما يسافر الناس الخ فإنه ظاهر فيما ذكرناه، والله أعلم (وحكم بما يتميز غائبًا بالصفة كدين) قال ابن عرفة: المدعي ملكه أو استحقاقه إن كان حاضرًا بلد الخصومة فشرط البينة به حضوره قال: وإن كان غائبًا عنها أو ليس معينًا بنفسه بل بالإضافة وهو الدين فالاعتبار بالإشهاد به مع غيبته بتخصيص المدين بما يعينه وتقدم لابن رشد يكتب القاضي بما يثبت عنده من صفة الابن كما يكتب في الدين على الغائب باسمه ونسبه وصفته فتقوم الشهادة فيه على الصفة مقام الشهادة على العين هذا قول مالك وجميع أصحابه إلا ابن كنانة ثم قال في أثناء تعقبه على ابن عبد السلام وابن هارون ومعروف المذهب ثبوت البينة بالدين على غائب والحق سماعها بها معينًا بتعيين من أضيفت إليه وهو المدين وقال المازري كان المحكوم به مما لا يتميز أصلًا ذكرت البينة قيمته تقول غصبه حريرًا أو طعامًا قيمته كذا قلت هذا فيما يتعلق بالذمة وأما إن لم يتعلق بها فظاهر كلام ابن رشد أن المكيل والموزون لا تصح البينة به بعد غيبته لتعذر معرفته بعد حضوره فتمتنع الشهادة به غائبًا على الصفة اهـ باختصار.
ثم ذكر الغائب المعين في نفسه كالعبد والفرس وأن البينة تسمع في غيبته بكمال صفته الموجبة تعيينه مطلقًا كان يستحق من يد مدع ملكه أم لا كان آبقًا أم لا على قول جل أصحاب مالك خلافًا فالابن كنانة اهـ.
وبه يتضح لك أن البينة تسمع بالدين ولو لم يقبل التمييز بعينه لأنه في الذمة أما ما لا يتميز بالصفة وليس دينًا فلا تسمع البينة به غائبًا إلا إن شهدت على عينه وهو مفهوم قوله بما يتميز، والله أعلم، وبه تعلم ما في كلام ز فتأمله اهـ.
(وجلب الخصم بخاتم أو رسول) المتيطي، وإذا لم يتفق في بعض الجهات البعيدة تقديم حاكم لأن الإمام لم يأذن للقاضي في ذلك أو لعدم من يوليه فلا يرفع من فيه إلى المصر إلا بشبهة قوية كالشاهد العدل أو شبه ذلك من ضرب أو جرح يظهر عنده وإلا فلا يفعل ولعله يشخص الرجل البعيد ولا شيء له عنده، قال سحنون وذلك إذا جاء الطالب بلطخ من شهادة أو سماع اهـ.
ابن عرفة الشيخ عن ابن عبد الحكم من استعدى الحاكم على من معه بالمصر أو قريبًا منه أعطاه طابعًا في جلبه أو رسولًا وإن بعد من المصر لم يجلبه إلا أن يشهد عليه شاهد فإن ثبت عنده كتب لمن يثق به من أمنائه إما أنصفه وإلا فليرتفع معه اهـ.