يتعقب حكمه المترتب على مشاورتهم لأنا نقول قد يعرف منهم عين الحكم ولا يعرف الطريق إلى إيقاعه إذ القضاء صناعة دقيقة لا يعرفها كل أحد بل ولا آحاد العلماء لا يقال العلم شرط في صحة الولاية فعدمه يمنع انعقادها ونفوذ الحكم لأنا نقول قد يولي الجاهل لعدم وجود عالم فإذا وجد ولي نقض حكم الجاهل المذكور وقد يولي الجاهل مع وجود عالم لضعفه عن القيام بأمر القضاء لمرض ونحوه ولو قال المصنف بدل غير الجور ومضى الصواب كان أحسن لأن غير الجور قد يكون خطأ أو سهوًا أو نسيانًا مع أنه لا يمضي (ولا يتعقب حكم العدل العالم) أي لا ينظر فيه من يتولى بعده لئلا يكثر الهرج والخصام وتفاقم الحال وحمل عند جهل حاله على العدالة إن ولاه عدل انظر ح وينبغي أن يكون مثله قاضي مصر كما يفيده قوله فيما يأتي إن كان أهلًا أو قاضي مصر (ونقض حـ) ـكم عدل عالم عثر على خطئه من غير فحص (وبين) الناقض (السبب) الذي لأجله نقض لئلا ينسب للجور والهوى (مطلقًا) أي ينقضه هو وغيره (ما) أي حكمًا (خالف قاطعًا) من نص كتاب أو سنة أو إجماع كحكمه بالميراث كله لأخ دون جد فإن الأمة أجمعت على قولين المال كله للنجد أو يقاسم الأخ أما حرمان الجد فلم يقل به أحد أو خالف قاطعًا من عمل أهل المدينة كخيار المجلس أو من القواعد كمسألة السريجية التي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
موافق للحق أو مخالفًا لما عليه الناس في بلده إلا أنه وافق قول قائل من أهل العلم فإنه ينفذ حكمه وما لم يصادف قول قائل وكان خطأ نقضه اهـ.
وقبله ابن هارون مقتصرًا عليه وقال ابن عرفة القاضي العدل الجاهل تتصفح أحكامه فما صواب أو خطأ فيه خلاف أنفذه وما هو خطأ لا اختلاف فيه رده اهـ.
ونحوه في معين الحكام فهذه النقول كلها تدل على خلاف ما جرى عليه المصنف في الجاهل تبعًا لابن عبد السلام والله أعلم (ومضى غير الجور) الرد بغير الجور وما وافق قول قائل كما يفيده ما تقدم عن النقل من ابن رشد والمتيطي وغيرهما (ما خلف قاطعًا) ابن عرفة والخطأ الموجب لرد حكم العدل العالم فسره اللخمي بما خالف نص آية أو سنة أو إجماع قلت أو ما ثبت من عمل أهل المدينة لأنه عند مالك مقدم على الحديث الصحيح عنده وزاد المازري عن الشافعي أو قياسًا لا يحتمل إلا معنى واحدًا قال والظاهر أنه يشير إلى القياس الجلي الذي لا يشك فيه اهـ.
وقال في ضيح قول ابن الحاجب ولا ينقض منها إلا ما خالف القطع نحوه في الجواهر ويقتضي أنه لا ينتقض ما خالف الظن الجلي وليس بظاهر بل قالوا إنه إذا خالف نص السنة غير المتواترة أنه ينقض وهو لا يفيد القطع نقله ابن عبد السلام عن بعضهم اهـ.
وبه تعلم أن إدخال ز في القاطع مطلق السنة وعمل أهل المدينة فيه نظر وأنه يرد على المصنف هنا ما أورده على ابن الحاجب وقال ابن فرحون في تبصرته قد نص العلماء على أن حكم الحاكم لا يستقر في أربعة مواضع وينقض وذلك إذا وقع على خلاف الإجماع أو القواعد أو النص الجلي أو القياس ومثال ذلك كما لو حكم بأن الميراث كله للأخ دون الجد