فرع: قال د ابن رشد إذا تغيب المدعى عليه بعد استيفاء الحجج وهرب من القضاء عليه فإنه يقضي عليه ويعجزه ولا يكون له إذا قدم أن يقوم بحجته بمنزلة ما لو قضى عليه وهو حاضر وأما لو هرب وتغيب قبل أن يستوفي جميع حججه فالواجب في ذلك أن يتلوم له فإن لم يخرج وتمادى على مغيبه واختفى قضى عليه من غير أن يقطع حجته اهـ.
واستثنى خمس مسائل ليس للقاضي التعجيز فيها وضابطها كل حق ليس لمدعيه إسقاطه بعد ثبوته فقال: (إلا في) شأن (دم) إثباتًا كادعاء شخص على آخر أنه قتل وليه عمدًا وأن له بينة بذلك فانظره لها ثم تبين لدده فلا يحكم بتعجيزه عن قيامها فمتى أتى بها قتل المشهود عليه أو نفيًا كادعائه عليه أنه قتل وليه عمدًا وأقام بينة فقال المدعى عليه عندي ما يجرحها فانظره وتبير لدده وحكم عليه بالقتل وقتل فإن قامت بينة لولي المقتول ثانير بتجريح بينة القتل أولًا كان ذلك من خطأ الإمام وارتضى الجيزي عدم سماع النفي (وحبس) ادعاه على آخر أنه حبس عليه دارًا وطلب منه بينة على دعواه فعجز عنها فلا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عجزه بعد التلوم والإعذار وهو يدعي أن له حجة فلا يقبل منه ما أتى به بعد ذلك من حجة اهـ.
وعلى مذهب المدونة وهو القبول مطلقًا إن كان لذلك وجه درج المصنف في قوله إلا لعذر كنسيان وفي قوله في تنازع الزوجين وظاهرها القبول إن أقر على نفسه بالعجز وإليه أشار بقوله ثم إذا عجزه القاضي مع إقراره بالعجز له إقامة بينة لا يعلمها على المشهور لكن لا يأتي عليه قوله إلا في دم وما بعده من المستثنيات لأن مذهب المدونة القبول فيها وفي غيرها وإنما يأتي على القول بعدم القبول وعليه درج المصنف في قوله ويعجزه ولذا أتى بالاستثناء بعده فمرة جرى على مذهب المدونة ومرة جرى على غيرها قاله طفى قلت الظاهر أن يحمل قوله ويعجزه على صورة الاتفاق عند ابن رشد وهي إذا عجزه مدعيًا أن له حجة وعليها ينزل الاستثناء فلا يكون مخالفًا لما جرى عليه فيما تقدم من مذهب المدونة وبهذا يسلم من الاضطراب الذي ادعاه طفى ويسقط به أيضًا قول اللقاني ما نصه قوله ويعجزه إلا في في دم الخ. هذا موافق لابن رشد في البيان مخالف لما في المدونة على ما في ضيح اهـ.
نقله د وقال بعده تظهر فائدة هذه الأشياء أما المطلوب فيعجزه فيها وغيرها اهـ.
وقول ز إثباتًا كادعاء شخص الخ غير ظاهر لأن صورة الإثبات لا ينطبق عليها الضابط المذكور لأن القصاص إذا ثبت كان لمدعيه إسقاطه والذي صوره به ابن مرزوق وهو الظاهر أن المدعى عليه بالقتل إذا أراد تجريح من شهد عليه بالقتل فعجز فحكم القاضي عليه بالقتل ثم وجد من يجرح له البينة الشاهدة عليه بالقتل فإنها تسمع منه ولا يعمل بتعجيزه لخطر الدماء اهـ.
وهو يعكر على ما قدمناه من طفى من أن ذلك مقصور على الطالب ثم محل سماع الحجة فيما صور به ابن مرزوق إن أتى بها قبل استيفاء الحكم كما يظهر من تصويره أما إن قام ورثة المدعى عليه بعد قتله بما يجرح بينه المدعي فالظاهر أن ذلك لا يسمع منهم (وحبس) هذا ظاهر إذا كان الحبس على غير معين كالفقراء فلا سبيل إلى تعجيز الطالب لحق الغائب لا ما إذا كان