إقامة البينة فلا يرد على تعريف المصنف أنه غير جامع لمن صحب دعواه بينة (وإلا) يعلم المدعي ولا وافقه خصمه على ذلك (فالجالب) بنفسه أو برسول القاضي لمجلس الشرع هو الذي يأمره بالكلام فيدعي (وإلا) يعلم الجالب (أقرع) بينهما في الادعاء (فيدعي بمعلوم) أي متميز في ذهن المدعي والمدعى عليه وذهن القاضي (محقق) عند المدعي أنه عند المدعى عليه كقوله لي عليه مائة من ثمن مبيع فاحترز بالمعلوم عما لو ادعى بشيء مجهول كلي عليه شيء ولم يذكر سببه فإنها لا تسمع على المشهور وأشار لمقابله الضعيف بقوله: (قال) المازري (وكذا) تسمع دعواه إذا قال لي عليه (شيء) من بقية معاملة مثلًا وأنا أتحقق ذلك ولكن جهلت قدره فإنه يلزمه أن يجيبه عن ذلك بالتفصيل أو بالإنكار أن له عنده شيئًا قال البساطي تبعًا لبحث المازري عندي أنه صواب وأنه يلزم المدعى عليه جوابه بإقرار أو إنكار وبيانه أنهم قالوا يقبل الإقرار بشيء وحينئذ إما أن يقولوا تقبل الدعوى بشيء أم لا فإن لم تقبل فلا يلزم بإقراره وإن قبل فهو الذي يقوله المازري وإن كان احتج بغير ذلك فإن قلت إقراره بشيء يلزم تفسيره فيرجع للتفسير منه أو من غيره أن تعذر قلنا إلزامه بالتفسير فرع إلزامه بالإقرار بشيء فتأمله اهـ.
ثم محل الخلاف حيث ادعى المدعي جهل قدر الشيء كما قررنا ولم تقم قرينة صدقه فإن علم قدره وأبى من ذكره لم تسمع دعواه به اتفاقًا وإن جهل قدره ودل على ذلك قرينة كشهادة بينة بأن له حقًّا لا يعلمون قدره فتسمع دعواه قاله ابن فرحون في تبصرته (وإلا) يدعى بمحقق (لم تسمع) فهو مخرج من القيد الثاني بدليل تمثيله بقول (كأظن) أو أشك أن لي عليه حقًّا إلا أن يقوى الظن كما يأتي في قوله: واعتمد الباب على ظن قوي كخط أبيه ومحل قوله محقق حيث لم تكن دعوى اتهام فلا يخالف ما يأتي في باب الشهادات في قوله واستحق به بيمين إن حقق.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(بمعلوم محقق) زاد غير المصنف أن تكون الدعوى محققة معتبرة يتعلق بها غرض صحيح لا تكذبها العادة وتكون مما لو أقر بها المدعى عليه لزمته واحترز بمعتبرة من نحو القمحة أو الشعيرة وبغرض صحيح من دعوى أجرة على محرم وبقوله لا تكذبها العادة من دعوى دار بيد حائز يتصرف فيها عشر سنين والمدعي حاضرًا ساكت وسيأتي بالأخير مما ذكره ز في تنبيهه وقول ز كلي عليه شيء ولم يذكر سببه الخ الصواب إسقاط قوله ولم يذكر سببه بدليل القول الثاني (إلا لم تسمع) قول ز فهو مخرج من القيد الثاني الخ فيه نظر إذ لا إخراج في كلام المصنف وصوابه فهو مفهوم القيد الثاني لأن إلا هنا للشرط لا للاستثناء كما يوهمه وقول ز إلا أن يقوى الظن كما يأتي في قوله واعتمد الباب الخ مثله في خش وهو قيد غير صحيح لأن الظن فيما يأتي إنما هو في باطن الذات وهو في ظاهر اليمين جازم معتمد في جزمه على ذلك الظن القوي الباطني فلو أظهر الظن بطلت دعواه كما هنا فتأمله والحاصل أن ما هنا في الدعوى المصرح فيها بما يفيد عدم التحقيق وما يأتي في الدعوى الجازمة لكن