ورد مثله فإن وقف لبقاء عينه منع اتفاقًا ويستثنى مما لا يعرف بعينه الدنانير والدراهم فيجوز وقفهما للسلف قطعًا كما هو مذهب المدونة ونحوه قول المصنف في باب الزكاة وزكيت عين وقفت للسلف فلا يشملها التردد خلافًا لتت فإن وقفت لا للسلف بل لبقاء عينها منع وقفها اتفاقًا ولما قدم من أركانه ركنين مما يفهم منه الركن الأول تضمنًا أو التزامًا وهو الواقف وصرح بالثاني وهو الشيء الموقوف بقوله مملوك وشرط الأول أهلية التبرع لا مكره أو مولى عليه ذكر الركن الثالث وهو الموقوف عليه بقوله: (على أهل للتملك) حقيقة كزيد والفقراء أو حكمًا كقنطرة لانتفاع المارة بها ومسجد ومثل للأهل ثاني حال ليعلم منه بالأولى أهل التملك حين الوقف فقال: (كمن سيولد) فيصح ويوقف لزومه والغلة إلى أن يولد فيعطاها ويلزم فإن أيس من حملها أو مات ببطنها أو نزل ميتًا بطل ورجعت الغلة للمالك (و) صح وقف من سلم على (ذميّ) أي تحت ذمتنا وإن لم يكن له كتاب وهو عطف على مدخول الكاف إذ هو من الأمثلة وليس عطفًا على أهل (وإن لم تظهر قربة) كعلى أغنيائهم وأجانبهم من الواقف لأن الواقف من باب العطايا والهبات لا من باب الصدقات وجاز أيضًا إن كان لصلة رحم وإلا كره انظر ابن عرفة وظاهر المصنف رجوع المبالغة له ومقتضى حل الشارح رجوعها لأصل الباب لا للذمي فقط فالوقف على أغنياء المسلمين دون فقرائهم أو على ذي حاجة دون مضطر صحيح وهو من فعل الخير في الجملة ولذا نفى المصنف الظهور دون أصل القربة وعبر بها دون طاعة لأنه لا يشترط في القربة نية كأداء دين وغسل نجاسة بخلاف الطاعة كوضوء وصلاة وكلاهما لا بد فيه من معرفة المتقرب إليه والمطاع (أو يشترط تسليم غلته من ناظره ليصرفها) الواقف فيما شرط وهذا عطف على قوله لم تظهر أي واشترط تسليم الخ لا على مدخول لم لفساد المعنى إذ لا يبالغ عليه حينئذٍ لعدم ظهور فائدة قوله ليصرفها ومفهوم ليصرفها أنه لو كان ليأكلها لبطل الشرط وصح الوقف كذا ينبغي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فرضت المسألة فيما إذا قصد بوقف الطعام ونحوه بقاء عينه فليس إلا المنع لأنه تحبير من غير منفعة نعود على أحد وذلك مما يؤدي إلى فساد الطعام المؤدي إلى إضاعة المال وقد ورد النهي عن ذلك وإن كان على معنى أنه وقف للسلف إن احتاج إليه محتاج ثم يرد عوضه فقد علمت أن مذهب المدونة وغيرها الجواز والقول لابن رشد بالكراهة ضعيف وأضعف منه قول ابن شاس إن حمل على ظاهره يعني المنع والله أعلم فإن أراد المصنف بالتردد قولي الكراهة والمنع ورد عليه أنهما خلاف مذهب المدونة وإن أراد به الجواز وعدمه ورد عليه أنه مخالف لاصطلاحه وأما استثناء ز الدنانير والدراهم فغير صحيح لأن الجواز على مذهب المدونة عام فيه وفي غيرها كما أن القول بالكراهة وبالمنع فيها وفي غيرها أيضًا (كمن سيولد) قول ز فيصح ويوقف لزومه الخ أي فهو نافذ قبل الولادة غير لازم فللمحبس يبيعه كما يأتي في قوله كعلي ولدي ولا ولد له ابن عرفة وفي لزومه بعقده على من يولد قبل ولادته قولا ابن القاسم ومالك اهـ.