قد تعطى حينئذٍ لغير من فيها اسمه كما هو ظاهر (ولا يمنع) أحد (صيد سمك) من ماء الأودية والأنهار إن لم يكن في ملكه لأن الماء لما كان غير ملوك والصيد غير مملوك كانا كسائر المباحات فمن سبق إليه فهو أحق به سواء طرح فيه فتوالد أو جره الماء إلى تلك الأرض (وإن) كان السمك في أرض (من ملكه) لذاته أو منفعته من أرض عنوة وقفت بمجرد الاستيلاء كما مر أنها تقطع إمتاعا لا ملكًا فلا ينافي هذا تأويله الأول الآتي أو أنه أراد بأرضها غير محل الزرع وإنما لم يمنع من صيد سمك من ملكه وجاز له منع ماء يملكه كما مر لجهل قدره ولأنه يقل ويكثر كما يفيده الشارح بخلاف الماء لانضباطه غالبًا (وهل) عدم المنع (في أرض العنوة فقط) صاد المالك أم لا لأنها في الحقيقة لا تملك وإنما هي أرض خراج واستمتاع وأما المملوكة حقيقة فله المنع (أو) عدم المنع مطلقًا في أرض العنوة وغيرها (إلا أن يصيد المالك) أي يريده فله المنع (تأويلان) فحلهما في أرض الصلح حيث لم يصد المالك وعلم مما قررنا أن الاستثناء من التأويل الثاني المطوى في كلامه ومحلهما في ماء في ملكه حيث لا يضر به الصيد فإن أضرّ به كاطلاع الصائد على حريمه وكإفساده زرعه منع اتفاقًا ثم التأويلان ضعيفان فإن المذهب أنه لا يمنع صيد سمك وإن ملكه في أرض عنوة أو غيرها طرحت فتوالدت أو جرها الماء إلا في الصورة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
واحد منهما حتى ينتهي قلده ولا يتقيد ذلك بالكعبين (وهل في أرض العنوة الخ) في المدونة قال ابن القاسم سألت مالكًا رحمه الله تعالى عن بحيرات تكون عندنا بمصر لأهل قرى أراد أهلها بيع سمكها لمن يصيد فيها قال مالك لا يعجبني أن تباع لأنها تقل وتكثر ولا يدري كيف تكون ولا أحب لأحد أن يمنع أحدًا من تلك البحيرة يصيد فيها واختلف الشيوخ في تأويل قوله فقال ابن الكاتب إنما منعهم من ذلك لأن الأرض ليست لهم إذا أرض مصر أرض خراج ولو كانت الأرض ملكًا لهم لكان لهم منع الناس منها وقال غيره من القرويين إنما لا يمنع الناس منها إذا كان هو لا يصيد ذلك فلم يبق إلا أن يبيعه وهو لا يجوز له بيعه لأن بيعه غرر فلا يمنع الناس هذا محصل ما نقله أبو الحسن في كتاب حريم البئر عن ابن يونس وهو الذي أشار إليه المصنف وكلام ابن يونس مذكور في كتاب البيوع الفاسدة منه ونصه أثر قوله ولا يمنع من يصيد فيها ولا الشرب منها قال ابن الكاتب إنما قال لا يمنع أربابها الناس منها لأن الأرض ليست لهم وإنما هم منزلون بها وإنما هي أرض مصر وهي أرض خراج السلطان وأما لو كانت أرض إنسان وملكه فله منع الناس ولا فرق بين ذلك وبين جوابه عمن حفر في أرضه أن له منع مائه من الناس وله بيعه والله أعلم اهـ.
وقال غيره من شيوخنا القرويين إنما لا يمنع الناس منها إذا كان لا يصيد ذلك إذ لا يجوز له بيعه لأن بيعه غرر فلا يمنع الناس منه كما قال في الكلا إن احتاج إليه برعي أو بيع فله منع الناس منه وإن لم يحتج إليه ولا وجد له ثمنًا فليخل بين الناس وبينه فكذلك برك الحيتان اهـ.