من متعاقدين على شركة زرع (فسخ) عقد (المزارعة إن لم يبذر) ولو احتاجت لعمل كثير قبله كما هو ظاهره ويدل له جعل القول بلزومها بالعمل مقابلًا فإن بذر بذال معجمة أي ألقى الحب على الأرض لزم عقدها وانظر في بذر بعضها هل يلزم فيه فقط أو في الجميع أو إن بذر الأكثر فكالجميع والنصف فلكل حكمه وأن بذر الأقل فكالعدم وإنما لم تلزم بالعقد كشركة الأموال لأنه قد قيل بمنعها مطلقًا فضعف الأمر فيها فاحتيج في لزومها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المزارعة
ابن عرفة المزارعة الشركة في الحرث وبالثاني عبر اللخمي وعبر بالأول كثير وعن أبي هريرة عنه - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقولن أحد زرعت وليقل حرثت" زاد في رواية فإن الزرع هو الله لقوله تعالى: {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64)} [الواقعة: 64] وخرج مسلم عنه - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مسلم يغرس غرسًا ولا يزرع زرعًا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة" اهـ.
(لكل فسخ المزارعة إن لم يبذر) قول ز وانظر في بذر بعضها الخ قد صرح ابن رشد بأن مذهب ابن القاسم في المدونة أنه إن بذر البعض فلا يلزم العقد إلا فيما بذر ولكل الفسخ فيما بقي وأصل التوقف لعج وهو قصور كما قاله طفى ونص ابن رشد في رسم البيوع من سماع أصبغ قول ابن القاسم إن كانا قد بذرا فليس ذلك له يريد فليس ذلك له فيما قد بذرا إذ لا يستطيعان أن يقتسما ما قد بذرا حتى يحصداه ويقسماه بالكيل وأما ما لم يبذرا بعد فلا يلزم الآبي أن يتمادى مع شريكه على بذر ما بقي من زراعتهما وكذلك إن كانا قد قلبا الأرض ولم يزرعاها بعد فلا يلزم الآبي منهما أن يزرعها بعد لأنهما يقدران على قسم القليب وعلى بيعه واقتسام ثمنه على معنى قول ابن القاسم هذا وهو معنى قوله في المدونة إذ لم يجز الشركة في الحرث إلا على التساوي والاعتدال في قيمة كراء ما يخرجه كل واحد عوضًا عما يخرجه صاحبه إذ لو كانت المزارعة تلزم بالعقد لجازت وإن كانت قيمة ما يخرجه أحدهما أكثر من قيمة ما يخرجه صاحبه وابن الماجشون وسحنون يريان المزارعة تلزم بالعقد وهو قول ابن كنانة وابن القاسم في كتاب ابن سحنون وإنما وقع هذا الختلاف في المزارعة لأنها شركة وإجارة كل واحدة منهما مقتضية للأخرى بكليتها لا فضل فيها عنها فاختلف أيهما يغلب فمن غلب الشركة لم يرها بالعقد لازمة ولا أجازها إلا على التكافيء والاعتدال إلا أن يتطاول أحدهما بما لا فضل لكرائه ومن غلب الإجارة ألزمها بالعقد وأجاز التفاضل بينهما ولم يراع التكافؤ غير ابن حبيب قال ما لم يتفاحش الأمر بما لا يتغابن بمثله في البيوع وقال سحنون ذلك جائز وإن تفاحش الفضل في قيمة الكراء ما لم ينفرد أحدهما يشيء له بال ما لم يخرج صاحبه عنه عوضًا فلا يجوز والقياس على القول بتغليب الإجارة وإلزام العقد أن يجوز التفاضل بكل حال وفي المسألة قول ثالث به جرى العمل بقرطبة لا تلزم المزارعة بالقول حتى يشرع في العمل وهو يروي عن ابن كنانة وليس بقياس اهـ.
وإنما نقلته بطوله لما اشتمل عليه من الفوائد وقول ز لأنه قد قيل بمنعها مطلقًا الخ في