وتعليل المدونة وأما المياومة فلا يشارك مريض أو غائب مطلقًا غيره وقول المدونة لأنه متطوع أي بخلاف شريكي العلم فإن كل واحد منهما حميل عن صاحبه ضامن عنه ما يقبل إذا كان المتاع مما يضمن فلهذا لم يكن الصحيح متطوعًا وإذا عمل أحد شريكي المال فله نصف أجر عمله على صاحبه ثم ذكر شركة الوجوه بقوله (و) فسدت الشركة من حيث هي (باشتراكهما بالذمم) وهي (أن يشتريا شيئًا) غير معين (بلا مال) يخرجانه نقدًا أي تعاقدا على شراء أي شيء كان بدين في ذمتهما وأن كلا حميل عن الآخر ثم يبيعانه فترك شرطين تعاقدهما على شراء غير معين وتحمل كل عن الآخر بمثله وأكثر منه فإن دخلا على شراء شيء معين وتساويا في التحمل جاز كما تقدم في قوله إلا في اشتراء شيء الخ وإنما فسدت هذه الشركة لأنها من باب تحمل عني وأتحمل عنك وأسلفني وأسلفك فهو من باب ضمان بجعل وسلف جر نفعًا (وهو بينهما) على ما تعاقد عليه من تساو أو غيره هذا هو المراد لا ما هو حقيقة البينة أي التساوي والأولى جعل قوله وهو بينهما بيانًا لحكم المسألة بعد الوقوع لا من تمام التصوير فهو من المسمى في البديع بالكلام الموجه ثم إن وقع الشراء منهما أو من أحدهما فإن لم يعلم البائع باشتراكهما طالب متولي الشراء ولم يؤخذ مليئًا عن معدم ولا حاضرًا عن غائب كأن علم باشتراكهما حيث علم بفسادها وإلا أخذ مليئًا عن معدم وحاضرًا عن غائب لا حاضرًا عن حاضر موسرين فعلمه بفسادها مع علمه باشتراكهما كجهله باشتراكهما.
تنبيه: لا يصح عطف قوله وباشتراكهما على قوله باشتراطه لفساد المعنى لأن الضمير في فسدت عائد على شركة العمل وما هنا في شركة الوجوه فيصير المعنى وفسدت شركة العمل باشتراكهما في الذمم فيقدر له عامل يتعلق به ويكون من عطف الجمل لا من عطف المفردات أي وفسدت الشركة لا بقيد شركة العمل أي الشركة المطلقة من حيث هي هي بسبب اشتراكهما في الذمم من باب تحقق المطلق في المقيد أو العام في الخاص (وكبيع وجيه) من تجار يرغب الناس في الشراء منه (مال خامل بجزء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وهو بينهما) قول ز فهو من المسمى في البديع بالكلام الموجه الخ كذا قال ابن غازي وفيه نظر لأن التوجيه إيراد الكلام محتملًا لمعنيين متضادين ولا يكفي مجرد احتمال معنيين متغايرين قاله السعد وما قاله هنا من الثاني ومثال التوجيه قول بعضهم:
خاط لي عمر وقباء ... ليت عينيه سواء
وكان عمر وأعور (وكبيع وجيه مال خامل) قول ز وحكاه ابن الحاجب بقيل الخ هذا غير صحيح وأصله في تت بل التفسير إن لشركة الوجوه كما في المواق وغيره وأما شركة الذمم فليس لها إلا التفسير الأول ولفظ ابن الحاجب ولا تصح شركة الوجوه وفسرت بأن يبيع الوجيه مال الخامل ببعض ربحه وقيل هي شركة الذمم يشتريان ويبيعان والربح بينهما من غير مال وكلتاهما فاسدة وتفسخ وما اشترياه فبينهما على الأشهر اهـ.