دين في دين إذ باستهلاكه لزم المستهلك القيمة حالة فأخذ عنها مؤخرًا وقد علمت أن فسخ الدين في الدين إنما يمتنع في غير جنسه أو في جنسه بأكثر فلو سلم الصلح عن ذلك جاز كما أشار له بقوله (إلا) أن يصالحه (بدراهم) مؤخرة وهي (كقيمته) أي المستهلك (فأقل) منها فيجوز إذ حاصله أنه أنظره بالقيمة وهو حسن اقتضاء (أو) صالحه على (ذهب كذلك) أي قدر قيمته فأقل مؤخر فيجوز والعلة ما سبق فإن كانت أكثر من قيمته منع لأنه سلف جر نفعًا وأما إن صالحه بدراهم أو ذهب حالين فيجوز من غير اعتبار قوله كقيمته الخ وأشار لشرط الجواز في المسألتين بقوله (وهو) أي المستهلك لا قيمته (مما يباع به) أي بما صولح به من الدراهم أو الذهب احترازًا عما لو كان المستهلك ذهبًا فصالح عنه بفضة أو عكسه فيمنع الصرف المؤخر وعما لو كان المستهلك طعامًا مكيلا فلزمه مثله فيمنع أن يأخذ عنه شيئًا مؤخرًا لأنه فسخ دين في دين فكلامه كما يدل عليه قوله كقيمته يفيد أن المستهلك مما يجب فيه القيمة وهو المقوم أو المثلى المجهول القدر لا معلومه إذ الواجب فيه مثله واحترز أيضًا عما يمتنع بيعه به حالًا وأسقط المصنف قيد كونه يباع به بالبلد قال تت وكأنه عنده طردي انتهى.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
طفى وفيه نظر لأن المسألة مفروضة في المدونة وغيرها في المقومات ولأن الطعام مثلى يترتب باستهلاكه مثله فأخذ العين فيه فسخ دين في دين ولا يصح حمله على الجزاف كما قال عج لأنه يقتضي أنه لا يجوز إلا بدراهم بشرطه مع أنه قال في المدونة على اختصار ابن يونس ومن استهلك له صبرة قمح لا يعرفان كيلها جاز أن يأخذ بالقيمة ما شاء من طعام غير جنسه أو عرض نقدًا إلى أن قال وأما على كيل لا يشك أنه أدنى من كيل الصبرة فلا بأس به وكأنه أخذ بعض حقه اهـ.
قلت ما عزاه للمدونة ليس فيها وإنما نسبه ابن يونس للعتبية في سماع يحيى وقد اغتر طفى بظاهر اختصار المواق ونص ابن يونس ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن ذبح لرجل شاة فأعطاه بالقيمة شاة أو بقرة أو فصيلًا فإن كان لحم الشاة لم يفت لم يجزه إذ له أخذها فصار اللحم بالحيوان وإن قلت اللحم فجائز نقدًا بعد المعرفة بقيمة الشاة ولو استهلك له صبرة قمح لا يعرفان كيلها إلى آخر ما تقدم (إلا بدراهم كقيمته فأقل) أبو الحسن ظاهر المدونة وإن لم يعرفا قيمة المستهلك هذا حيث أخذ الجنس المرتب له في القيمة من دنانير أو دراهم وأما في غير الجنس فلا بد من معرفة القيمة اهـ.
باختصار قلت الظاهر أن هذا مع تحقق أن المصالح به لا يزيد على القيمة أما مع احتمال أنه أكثر من القيمة فلا والله تعالى أعلم (وهو مما يباع به) قول ز احتراز عما لو كان المستهلك ذهبا الخ تبع تت قال طفى وفيه نظر إذ هو إحالة لفرض المسألة لأنها في المقومات كما علمت فالصواب أن يقال احترز به عما لو كان المستهلك يباع بالورق فأخذ ذهبًا مؤخرًا وعكسه كما في المدونة وإن أراد بالذهب الحلي الذي هو مقوم فلا يصح قوله فيمنع للصرف المؤخر بل يجوز بدراهم مؤخرة ففيها في كتاب الغصب ومن غصب لرجل