(وصحت وصيته) أي المميز (كالسفيه) تشبيه في جميع ما تقدم فيضمن ما أفسد إن لم يؤمن عليه وتصح وصيته وله إن رشد لكن السفيه المهمل على أحد القولين الآتيين وهو حمله على المنع من التصرف وعبر بصحت وإن جازت أيضًا لأجل الشرط وهو قول (إن لم يخلط) المميز المحدث عنه قبل وبعد ويحتمل تعلق الشرط بالسفيه لقربه كما قيده اللخمي به وهو عادة المصنف من رجوع الشرط ونحوه لما بعد الكاف ويحتمل عوده لهما ولذا أخره عنهما وأفرد الضمير لأن المراد أحدهما انظر تت ونفي التخليط أن لا يتناقض أو أن يوصي بقربة تأويلان كما سيذكره في باب الوصية ولما قدم أن الحجر على الصبي بالنسبة لنفسه لبلوغه فقط ذكر أن الحجر عليه بالنسبة لماله يكون ببلوغه (إلى) أي مع (حفظ مال ذي الأب) وإن لم تجز شهادته أو لم يفكه أبوه عنه (بعده) أي البلوغ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب الجنايات الأول في المجنون وفي الصغير غير المميز ونقلها أبو الحسن في كتاب الديات ونقلها فيهما أيضًا ابن الحاجب وابن عرفة في كتاب الغصب فالصبي غير المميز مثل المجنون في المال والدم على كل منها وعلى القول الأول منها وهو أن جنايتهما على الأموال في مالهما وعلى الدماء في عواقلهما إلا أن تكون أقل من الثلث ففي أموالهما فهما كالمميز في ذلك كما في ابن عرفة وهذا القول هو الراجح لقول المصنف في ضيح تبعًا لابن عبد السلام والقول الأول أظهر لأن الضمان من باب خطاب الوضع الذي لا يشترط فيه التكليف اهـ.
زاد ابن عبد السلام وكذلك لا يشترط التمييز قال اللقاني وهو مقتضى ما اقتصر عليه ابن الحاجب في باب القصاص بقوله فلا قصاص على صبي ولا مجنون بخلاف السكران وعمدهما كالخطأ فلذلك تجب الدية على العاقلة مطلقًا إن بلغت الثلث وإلا ففي ماله أو ذمته اهـ.
أي وإن لم تبلغ الثلث ففي مال الجاني أو ذمته من صبي أو مجنون كما شرحه ابن عبد السلام قال اللقاني فإن ظاهره أي ابن الحاجب أنه لا فرق بين المجنون وغيره كما قاله ضيح هناك قال مس وعليه فالذمة ثابتة للجميع فلا يشترط لها التمييز فضلًا عن التكليف اهـ.
وبرجحان هذا القول يظهر لك أن قول المصنف وضمن ما أفسد الخ يشمل المميز وغير المميز والمجنون والله أعلم (إلى حفظ مال ذي الأب) ابن عاشر يستثنى منه إذا حجر الأب عليه في وقت يجوز له ذلك وهو عنفوان البلوغ فإنه لا ينفك عنه الحجر وإن كان حافظًا للمال إلا بفك الأب هو اهـ.
وهو الذي نقله ابن سهل عن ابن العطار ونصه قال ابن العطار إنما يكون للأب تجديد السفه على ولده قرب البلوغ وإذا بعد أزيد من العام لم يكن له ذلك إلا ببينة تشهد بسفهه اهـ.
وقال المتيطي ليس للأب أن يحجر على ابنه إلا بأحد وجهين إما أن يكون سفهه حين الحلم أو قريبًا منه وضرب على يديه وأشهد ببقاء ولايته عليه فذلك جائز له ولا يزال الابن بذلك باقيًا في حجره إلا أن يرشده أبوه أو يحكم له حاكم بإطلاقه وعلى هذا بنى أهل الوثائق وثائقهم وانعقدت به أحكامهم والوجه الآخر أن يكون الأب أغفل الحجر عليه حتى بعد عن سن الاحتلام فلا يكون له تسفيهه إلا عند الإِمام اهـ.