المفلس أن يتسلف مالًا لأجل غرمائه ولا قبول هبة ولا صدقة ولا قبول سلف من غير طلب إلا إن أراد أحد أن يسلف رب الدين قدر ماله على المدين ليرجع به على المدين من غير قصد عنته فليس للمفلس مقال كما في التوضيح ولا يرده ما مر في القرض من منعه حيث حصل نفع لأجنبي ورب الدين هنا أجنبي لأنه لما شرط المقرض الرجوع على المدين فكان القرض إنما هو له فليس النفع في هذه الصورة إلا للمقترض بحسب المعنى وإن كان في الظاهر للطالب بقصد نفع غيره (واستشفاع) أي لا يلزم بالأخذ بشفعة له فيها فضل لأنها معاملة أخرى إذ هي ابتداء ملك (وعفو) عن قصاص وجب له (للدية) أي عليها أي على أخذها ليوفي بها ما عليه بل له العفو مجانًا بخلاف ما يجب فيه الدية خطأ أو عمدًا لا قصاص فيه كجائفة ومأمومة فيلزم بعدم العفو لأنه مال فيلزمه كما مر (وانتزاع مال رقيقه) الذي تقدم أنه يؤجر أي ليس لهم أن يلزموه بانتزاعه وإن جاز له هو انتزاعه فإن انتزعه أخذوه بخلاف حبس شرط محبسه لمحبس عليه بيعه إن شاء فلهم بيعه كما روى ابن القاسم عن مالك وإن أبى هو لقوة شبهة بباقي عروضه بجامع إن له بيع كل بخلاف رقيقه المذكور كما مر لما فيه من شائبة الحرية (أو) اعتصار (ما وهبه لولده) الصغير أو الكبير قبل إحاطة الدين بخلاف ما وهبه له بعد الإحاطة فلهم رده واستعمل المصنف الانتزاع في حقيقته وهو انتزاع مال رقيقه ومجازه وهو انتزاع ما وهبه لولده لأنه إنما يقال فيه اعتصار هذا بالنسبة لعرف الفقهاء وأما في اللغة فيقال فيه انتزاع أيضًا وبين كيفية بيع مال المفلس من تعجيل واستيناء بقوله: (وعجل بيع الحيوان) أي لا يستأني به

ـــــــــــــــــــــــــــــ

للأجنبي وهو المدين أصلًا لأن الموضوع أنه معدم فتأخيره واجب سواء وقع السلف لرب الدين أو لا وما مر في القرض المدين فيه غير معدم تأمل وحينئذٍ فلا حاجة لجوابه وقول ز ورب الدين هنا أجنبي صوابه والمدين هنا أجنبي (وانتزاع مال رقيقه) ابن عرفة وفيها ليس لغرماء المفلس جبره على انتزاع مال أم ولده أو مدبره وابن زرقون في سماع ابن القاسم من حبس حبسًا وشرط أن للمحبس عليه البيع فلغرمائه البيع عليه وهذا يعارض ما تقدم ثم قال ابن عرفة ابن رشد روى محمَّد ليس للغرماء ذلك وهو الآتي على قولها لا يجبر المفلس على انتزاع مال أم ولده ولا مدبره ابن عرفة فمقتضى قوله منافاة ما في السماع لقولها في أم الولد والمدبر ويرد بحصول متعلق الجبر في السماع لأنه ملكه البيع وعدمه في أم الولد والمدبر لوقفه على الانتزاع اهـ.

تنبيه: قال في المقدمات فإن كان المفلس امرأة فليس للغرماء أن يأخذوا معجل مهرها قبل الدخول ولا بعده بأيام يسيرة ولا يجوز لها أن تقضي منه في دينها إلا الشيء اليسير قال في المدونة الدينار ونحوه وقال في كتاب ابن المواز الديناران والثلاثة وأما ما تداينت به وبعد دخول زوجها فإن مهرها يؤخذ فيه هذا نص رواية يحيى عن ابن القاسم وفيها نظر ولم يعط جوابًا بينًا في كالئها هل للغرماء أن يبيعوه في دينهم أم لا والأظهر أن ذلك لهم وأنه لا يلزمها أن تتجهز به له اهـ.

(وعجل بيع الحيوان) ومثله العروض ابن يونس قال مالك يستأني في بيع ربع المفلس يتسوق به الشهر والشهرين وأما الحيوان والعروض فيتسوق بها يسيرًا والحيوان أسرع بيعًا اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015