فلا تحرم والظاهر التقييد أيضًا بأن يعلم أن هديته له بعد الموجب لا لأجل دينه (كرب القراض وعامله) تشبيه تام فتحرم هدية كل منهما للآخران لم يتقدم مثلها أو يحدث موجب وبالغ على قوله وعامله فقط فقال: (ولو بعد شغل المال عى الأرجح) نظرًا للمال أي تمنع هدية العامل لربه بعد شغل المال نظرًا لما بعد نضوض المال ليريد أن يشغله به ثانيًا أي فيتهم إنه إنما أهدى لربه ليبقى المال بيده بعد نضوضه ليعمل به ثانيًا وقيل يجوز نظرًا للحال بالحاء المهملة لعدم القدرة على فسخه بعد الشغل وما في تت مقلوب (وذي الجاه) تحرم الهدية له إن لم يتقدم مثلها أو يحدث موجب (والقاضي) تحرم الهدية له ويأتي في القضاء أن في جواز التي اعتادها قبل الولاية قولين قلت ولعل الفرق شدة حرمة الرشوة إذ لم يقل بها أحد بخلاف ما قبله فإن الشافعي يجوز الأخذ على الجاه ومحل الحرمة على الدافع للقاضي إلا أن لا يمكنه خلاص حقه أو دفع مظلمته عنه بدونه فالحرمة على القاضي فقط.
تتمة: في ح على المناسك فيمن توجه عليه وعلى جماعة مظلمة بقدر معين يوزعونه بينهم وكان إذا احتمى شخص من دفع ما عليه يتحقق إنها تؤخذ من باقيهم ثلاثة أقوال عدم الجواز لابن المنير أي وهو قول سحنون كما في ق والجواز للداودي والثالث وهو اختيار الشيخين إنه لا ينبغي فإن جعل الظالم على كل واحد شيئًا معينًا يأخذه أو على كل حمل أو جمل من غير نظر لغيره وتحقق إنه إذا احتمى منه شخص لا يجعل حصته على غيره فيجوز الاحتماء منه قطعًا فإن جهل هل يجعلها على غيره أم لا ففي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أي بأن يقدر في ذي الجاه الخ وحرم هديته لذي الجاه والقاضي وهو تكلف (وذي الجاه والقاضي) قال أبو علي في شرحه التحقيق أنه لا يمنع الأخذ على الجاه إلا إذا كان الإنسان يمنع غيره بجاهه من أمر يجب على ذي الجاه دفعه عنه بأن يكون من غير مشي ولا حركة وإن قول المصنف وذي الجاه مقيد بهذا أي من حيث جاهه فقط كما إذا احترم زيد مثلًا بذي جاء ومنع من أجل احترامه فهذا لا يحل له الأخذ من زيد وكذا قول ابن عرفة تجوز المسألة للضرورة إن كان يحمي بسلاحه فإن كان يحمي بجاهه فلا لأنها ثمن الجاه اهـ.
يجب أن يقيد بما ذكر وبيانه إن ثمن الجاه إنما حرم لأنه من باب الأخذ على الواجب ولا يجب على الإنسان أن يذهب مع كل أحد اهـ.
وفي المعيار سئل أبو عبد الله القوري عن ثمن الجاه فأجاب بما نصه اختلف علماؤنا في حكم ثمن الجاه فمن قائل بالتحريم بإطلاق ومن قائل بالكراهة بإطلاق ومن مفصل فيه وإنه إن كان ذو الجاه يحتاج إلى نفقة وتعب وسفر فأخذ مثل أجر نفقة مثله فذلك جائز وإلا حرم اهـ.
قال أبو علي وهذا التفصيل هو الحق وفي المعيار أيضًا سئل أبو عبد الله العبدوسي عمن يجوّز الناس من المواضع المخوفة ويأخذ منهم على ذلك فأجاب ذلك جائز بشروط أن يكون له جاء قوي بحيث لا يتجاسر عليه عادة وأن يكون سيره معهم بقصد تجويزهم فقط لا لحاجة له وأن يدخل معهم على أجرة معلومة أو يدخل على المسامحة بحيث يرضى بما يدفعونه له اهـ.