من بيان صفة ما فيها من الخل ويجوز بيع الغائب جزافًا في صورة أخرى وهي ثمر حوائط غائبة فيباع ثمرها كيلًا أو جزافًا إذا كانت على مسيرة خمسة أيام ولا يجوز النقد فيها بشرط فإن بعدت لم يجز شراء ثمرها (ولم يكسر جدًّا) أي يشترط فيه أن يكون كثيرًا لا جدًّا فإن كثر جدًّا بحيث يتعذر حزره أو قل جدًّا بحيث يسهل عدده لم يجز بيعه جزافًا وأما ما قل جدًّا بحيث يسهل كيله أو وزنه فيجوز جزافًا وقول تت أي ولا يقل بحيث يسهل كيله أو وزنه أو عدده غير ظاهر لاقتضائه أن المشقة تعتبر في جواز بيع المكيل والموزون جزافًا وليس كذلك بل يباع كل منهما جزافًا بشروطه ما عدا المشقة كما يفيده قول المصنف الآتي ولم يعد بلا مشقة وقوله وجزاف حب الخ فلو اقتصر على عدده بأن قال بحيث يسهل عدده كان أولى (وجهلاه) احترز به عما إذا علمه أحدهما كما سيذكره ولم يحترز به عما إذا علماه كما يوهمه تت لأنه في هذه الحالة يخرج عن كونه جزافًا والشرط في الشيء لا بد أن يكون ذلك الشيء يحتمله ويحتمل نقيضه وهذا إن فسر الجزاف بما أمكن علم قدره دون علمه كما لابن عرفة أي دون أن يعلم المتعاقدان قدره حال العقد فإن فسر بما بيع بغير كيل ولا عدد صدق بما إذا علماه وجهلاه أو أحدهما فيصح الاحتراز بما هنا عما إذا علماه أيضًا (وحزرا) أسقط فيه ضمير الجزاف دون ما قبله لأنه لا يكفي أن يحزراه وهما من غير أهل الحزر بل لا بد أن يكونا من أهله بأن يعتاداه كما في ابن عرفة وأن يحزراه بالفعل فإن اختلفت عادتهما في حزر قدر كيله أو وكلا من

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وحد ابن عرفة بيع الجزاف بأنه بيع ما يمكن علم قدره دون أن يعلم والأصل منعه وخفف فيما شق علمه أو قل جهله اهـ.

فقوله شق علمه يريد في المعدود وقل جهله في المكيل والموزون إذ لا تشترط المشقة فيهما كما يأتي وقول ز عند العقد أو قبله واستمرا على معرفة رؤيته الخ هذا بتاء على ما اختاره ابن رشد من جواز بيع الصبرة الغائبة على الرؤية المتقدمة وهو قول ابن حبيب قال ابن رشد في ثالث مسألة من جامع البيوع الأول ما نصه ولو كان المبتاع قد رأى الصبرة والزرع ثم اشترى ذلك من صاحبه على رؤيته المتقدمة وهو غائب عنها لجاز ذلك وقد نص على جوازه ابن حبيب في الواضحة وقد فرق في هذا في المدونة من رواية ابن القاسم عن مالك بين الطعام المصبر والزرع القائم فمنع أن يشتري الطعام المصبر وهو غائب عنه على رؤيته المتقدمة وأجاز ذلك في الزرع القائم وهي تفرقة لا حظ لها في النظر فالله أعلم بصحتها اهـ.

ووجه ابن عرفة المنع فقال وجهه أنه يطلب في الصبرة زيادة على معرفة صفتها معرفة قدرها في الحزر حين العقد وللرؤية المقارنة للعقد في ذلك أثر قال ويلزم مثله في الزرع الغائب اهـ.

بمعناه قال ح عقبه عند قول المصنف وبرؤية لا يتغير بعدها قلت الذي يظهر من المدونة أنه يغتفر عدم حضور الزرع والثمار حالة العقد عليهما جزافًا لظهور التغير فيهما إن حصل بعد الرؤية المتقدمة بخلاف الصبرة ونحوها فتأمله اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015