وسياق المصنف أن استثناء كيل الثلث في صلب عقد بيع الصبرة والثمرة جزافًا ونحوهما كحديد كما في ابن عرفة ومثله إذا أراد الشراء لما ذكر من الثلث بعد العقد وقبل قبض الثمن أو بعده وقبل التفرق أو كان مقاصة إن لم يكن البائع من أهل العينة وإلا امتنع قبضًا ومقاصة ولو بعد المفارقة إلا بعد طول.
تنبيه: في البيان أن القدر الذي يجوز أن يستثنى ابتداء يجوز أن يكون قضاء ومن ثم أفتى ابن زكريا من اشترى ثمار حائط ودفع بعض الثمن وبقي عليه بعضه فدفع لبائعه بعض أعدال من ثمر الحائط الذي اشتراه بأنه يجوز قضاؤه حيث كانت ثلثًا فأقل مستدلًا بما لابن رشد مخالفًا لمن أفتى بالمنع مطلقًا متمسكًا بأن فيه الاقتضاء عن ثمن الطعام طعامًا وعرض ابن زكريا ببلادة المفتي بالمنع مطلقًا بقوله يا رأس اللحم حكى ابن رشد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأولى أعني قوله وقبل قبض الثمن يعني سواء نقد البائع للمشتري ثمن الثلث أو قاصه به من ثمن الكل وقول ز إن لم يكن البائع الخ يعني أن الشراء بعد قبض الثمن إنما يجوز إن لم يكن البائع من أهل العينة أي الذين عادتهم دفع القليل لأخذ الكثير كما يأتي في محله إن شاء الله تعالى فإن كان من أهل العينة امتنع الشراء على وجه دفع القليل في الكثير كان يبيع له صبرة بدينارين وبعد قبضهما وقبل التفرق أو بعده يشتري البائع بعضها بثلاثة أو أكثر إلى أجل فتأمل ونص ح وإن كان بعد قبض الثمن كله وتفرقهما فإنه يجوز مطلقًا إلا أن يكون من أهل العينة قاله ابن يونس اهـ.
وقول ز إن لم يكن البائع الخ صوابه المشتري أو مراده البائع ثانيًا لأن العينة لا تتصور بعد قبض الثمن إلا من المشتري كما بيناه وإنما تكون من البائع قبل القبض ففي ق عن معين الحكام ما نصه له أن يشتري القدر الذي يجوز له أن يستثنيه ويكون الثمن مقاصة ولا يشتري في قول مالك بنقد إن كان باع بتأخير ولا بتأخير إن كان باع بنقد اهـ.
ويصح رجوع الشرط في كلام ز للصور كلها ويكون مراده فيما قبل القبض البائع الأول وفيما بعد القبض البائع الثاني وقد بين ابن رشد ذلك في البيان ونصه أجمعوا على أن من باع جزافًا فلا يجوز له أن يستثنى منه كيلًا إلا الثلث فأقل فإذا باع جزافًا ولم يستثن منه شيئًا فلا يجوز أن يشتري منه إلا ما كان يجوز أن يستثنيه منه وذلك الثلث فأقل فإن اشترى منه الثلث فأقل مقاصة في الثمن جاز وإن اشترى ذلك منه بنقد ولم يقاصه جاز إن كان البيع بالنقد ولم يكن إلى أجل ومعنى ذلك أي الجواز إذا لم يكونا من أهل العينة وكذلك لو غاب المبتاع على الطعام لجاز أن يشتري منه أقل من الثلث نقدًا أو مقاصة إذا لم يكونا من أهل العينة ولو كانا من أهل العينة لم يجز أن يشتري منه شيئًا بعد الغيبة عليه لا نقدًا ولا مقاصة وأما إن كان باع منه الثمر أولًا بثمن إلى أجل فلا يجوز أن يشتري منه أكثر من الثلث على كل حال ويجوز له أن يشتري أقل من الثلث مقاصة من الثمن ولا يجوز ذلك نقدًا لأنه إن اشترى ذلك بالنقد دخله البيع والسلف ويدخله أيضًا طعام وذهب بذهب إلى أجل وهذا ما لم يغب المبتاع على الطعام وأما إن غاب على الطعام فلا يجوز له أن يشتري منه شيئًا قليلًا ولا كثيرًا نقدًا ولا مقاصة لأنه إن كان نقدًا كان بيعًا وسلفًا في دنانير وطعام وإن كان مقاصة كان بيعًا وسلفًا في الطعام اهـ.