فإن فعل متفقًا على تحريمه من غير علم أثم من جهتي القدوم والفعل فإن فعل مختلفًا فيه فقال القرافي هل نؤثمه بناء على التحريم أو لا بناء على التحليل لم أر لأصحابنا فيه نصًّا وكان عز الدين بن عبد السلام يقول أنه آثم من جهة أنه قدم غير عالم وحكمة مشروعيته التوصل إلى ما في يد الغير على وجه الرضا وذلك مفض إلى عدم المنازعة والمقاتلة والسرقة والخيانة والحيل المكروهة وحكمه الجواز لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ الله الْبَيْعَ} [البقرة: 275] ولخبر أحمد والطبراني أفضل الكسب بيع مبرور وعمل الرجل بيده وقد يعرض وجوبه كمضطر لشراء طعام أو شراب وندبه كمن أقسم على إنسان أن يبيع سلعة لا ضرورة عليه في بيعها لأن إبرار القسم مندوب في مثل ذلك والكراهة كبيع هو أو سبع لا لأخذ جلده والتحريم كالبيوع المنهي عنها كما يأتي وله معنيان لغوي وشرعي فالأول مشترك بين البيع والشراء كما في الصحاح ولكن لغة قريش استعمال البيع في الإخراج والشراء في الإدخال وهي أفصح وعليها اصطلح الفقهاء تقريبًا للفهم ومن إطلاقه على الشراء خبر لا يبع أحدكم على بيع أخيه أي لا يشتر على شرائه لأن النهي إنما وقع على المشتري كما يدل عليه لفظ أحدكم وأخيه لا على البائع وقول ح من ذلك وشروه بثمن أي باعوه فيه نظر لأنه من إطلاق الشراء على البيع وإنما كان المراد بشروه أي باعوه لأن الضمير للآخذين ليوسف والواقع منهم البيع لا الشراء والآخذون له إخوته من السيارة الذين أخرجه واردهم حين أدلى دلوه وقال إخوته هو غلامنا سرق منا ولم يتكلم خوفًا منهم ثم باعوه للسيارة كما في الجلالين فلو جعل الضمير المرفوع في شروه للسيارة لم يلتئم مع قوله وكانوا فيه من الزاهدين إذ الزاهدون فيه إخوته لا السيارة وإن جعل ضمير شروه للسيارة وضمير كانوا للإخوة لزم تشتيت مرجع الضمير ومثل الآية المذكورة بئس ما اشتروا أي باعوا كما في الجلالين وأما الشرعي فقال ابن عرفة عقد معاوضة على غير منافع ولا متعة لذة فتخرج الإجارة والكراء والنكاح وتدخل هبة الثواب والصرف والمراطلة والسلم والغالب عرفًا أخص منه بزيادة ذ ومكايسة أحد عوضيه غير ذهب ولا فضة معين غير العين فيه فتخرج الأربعة اهـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من المنتقي ولا فرق بين المسلم والذمي ولفظ الأخ في الحديث خرج مخرج الغالب قاله ابن حجر وقول ز وقول ح من ذلك وشروه الخ وقع لح أيضًا نقلًا عن ابن الأنباري عن جماعة من المفسرين في قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى} [البقرة: 16] إنهم قالوا معناه باعوا الضلالة بالهدى انتهى.
قلت وفساده واضح فإن الآية سيقت في معرض الذم للمنافقين والتسجيل عليهم بترك الهدى والوقوع في الضلالة ولو كان اشتروا بمعنى باعوا كما قال لكان مدحًا بترك الضلالة وأخذ الهدى وهو خلاف الواقع وقول ز وأما الشرعي فقال ابن عرفة: الخ قال ابن عبد السلام معرفة حقيقته ضرورية لكل أحد حتى الصبيان قال ابن عرفة: ما قاله نحوه للباجي ويرد بأن المعروف ضرورة وجوده عند وقوعه لكثرة تكرره ولا يلزم منه علم حقيقته انتهى.