وتعتريه الأحكام الخمسة وذكر حكمًا منها فقط وبيانها أن الشخص إما راغب فيه أم لا والراغب إما أن يخشى العنت أم لا فالراغب إن خشي العنت وجب عليه ولو مع إنفاق عليها من حرام أو مع وجود بعض مقتضى التحريم غير ذلك كما يفيده الشامل فإن لم يخشه ندب له رجا النسل أم لا ولو قطعه عن عبادة غير واجبة كما هو ظاهر كلامهم وغير الراغب إن خاف به قطعه عن عبادة غير واجبة كره رجا النسل أم لا وإن لم يخف أو رجا النسل ندب فإن لم يرجه أبيح وكل من قسم المندوب والجائز والمكروه مقيد بما إذا لم يوجد موجب تحريم وإلا منع كضرر بامرأة بعدم وطء أو نفقة أو كسب محرم ولو لراغب لم يخش عنتًا وهذا التقسيم يجري مثله في المرأة وزاد ابن عرفة وجهًا آخر في وجوبه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب النكاح
ابن حجر النكاح في اللغة الضم والتداخل وأكثر استعماله في الوطء ويسمى به العقد لكونه سببًا فيه ثم قال وفي الشرع حقيقة في العقد مجاز في الوطء على الصحيح لكثرة وروده في الكتاب والسنة للعقد حتى قيل إنه لم يرد في القرآن إلا للعقد ولا يرد مثل قوله تعالى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] لأن شرط الوطء في التحليل إنما ثبت بالسنة وإلا فالعقد لا بد منه لأن معنى قوله حتى تنكح حتى تتزوج أي: بعقد عليها ومفهومه إن ذلك كاف بمجرده لكن بينت السنة أن لا عبرة بمفهوم الغاية بل لا بد بعد العقد من ذوق العسيلة وفي وجه للشافعية كالحنفية أنه حقيقة في الوطء مجاز في العقد وقيل مقول بالاشتراك على كل منهما وهذا الذي يترجح في نظري وإن كان أكثر ما يستعمل في العقد اهـ.
وما صححه أولًا نحوه لابن عبد السلام ونصه والأقرب أنه في اللغة حقيقة في الوطء مجاز في العقد وفي الشرع بالعكس اهـ.
وبما ذكره ابن حجر تعلم أن ما في ح عن الذخيرة من أن النكاح في آية {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} بمعنى الوطء لا العقد وحكى عليه الاتفاق غير ظاهر فتأمله وقال ابن عرفة النكاح عقد على مجرد متعة التلذذ بآدمية غير موجب قيمتها ببينة قبله غير عالم عاقدها حرمتها إن حرمها الكتاب على المشهور أو الإجماع على الآخر فيخرج عقد تحليل الأمة إن وقع ببينة ويدخل نكاح الخصي والطارئين لأنه ببينة صدقًا فيها ولا يبطل عكسه نكاح من ادعاه بعد ثبوت وطئه بشاهد واحد أو فشو بنائه باسم النكاح لقول ابن رشد عدم حده للشبهة لا لثبوت نكاحه اهـ.