يقاتل فهو من عطف المصدر الصريح على المصدر المؤول وكان حقه إيصاله بقوله حتى يلاقي كما مر وفي الشيخ سالم معناه خص بأنه يحرم علينا الحكم بينه وبين محاربه، أي: من بينه وبينه عداوة لأنه مقدم بين يديه وقد قال تعالى: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1] أي: ويؤيده عطف ما يحرم علينا له ولا يغني عنه قوله الآتي ويحكم لنفسه لأنه فيما يباح له وما هنا فيما يحرم علينا له (ورفع الصوت عليه) وأما خبر ابن عباس وجابر إن نسوة كن يكلمنه عالية أصواتهن فالظاهر أنه قبل النهي بقوله تعالى: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] وكذا يحرم رفع الصوت على حديثه لأن حرمته ميتًا كحرمته حيًّا فإذا قرئ كلامه وجب على كل حاضر أن لا يرفع صوته عليه ولا يعرض عنه لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ} [الأعراف: 204] الآية. وكلامه من الوحي وله من الحرمة مثل ما للقرآن إلا في معان مستثناة ويكره رفع الصوت في مجالس العلماء لأنهم ورثة الأنبياء ويكره رفع الصوت عند قبره الشريف ويكره قيام قارئ حديثه لأحد بل قيل تكتب عليه خطيئة (وندائه من وراء الحجرات) أي: المحل الذي يتحجب فيه عن الناس بحائط ونحوه لأنه إنما كان يتعجب عنهم في أشغاله المهمة فإزعاجه عن تلك الحالة سوء أدب اهـ.
وهو يفيد أن نداءه من وراء الحجرات إذا لم يكن على الوجه المذكور لا يحرم كأن يناديه من لا يحصل له بندائه إزعاج كخادمه (وباسمه) في حياته وكذا بعد موته كما استظهره السيوطي. انظر د أي: عند قبره أم لا حيث لم يقترن بالصلاة عليه وإلا جاز ففي خبر ابن فديك عن بعض من أدرك قال: بلغنا أن من وقف عند قبره - صلى الله عليه وسلم - فقال - صلى الله عليه وسلم -: يا محمَّد سبعين مرة ناداه ملك صلى الله عليك يا فلان لم تسقط لك اليوم حاجة اهـ.
وانظر هل مثل ذلك الشفاعة يا محمَّد أم لا ومثل ندائه باسمه نداؤه بكنيته كما قال ابن حجر: أخذًا من قوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] قال تلميذه شيخ الإِسلام زكريا وما اقتضاه كلامه من النداء بالكنية لا تعظيم فيه ممنوع إذ الكنية تعظيم باتفاق ولهذا احتيج إلى الجواب عن حكمة تكنية عبد العزى في قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} [المسد: 1] مع أنه لا يستحق التكنية لأنها تعظيم فالأوجه جواز ندائه بكنيته وإن كان نداؤه بوصفه أعظم ورد بأن مقتضى آية النور المذكورة أن لا ينادى بكنيته لأنهم كانوا يدعون بها بعضهم بعضًا والحافظ لم يعلل الحكمة بترك التعظيم حتى يتوجه عليه ما قاله الشيخ زكريا قاله د المناوي على الخصائص ولعل تت أشار ببعض تلامذة الحافظ للشيخ زكريا ثم ذكر قسم المباح له فقال: (وإباحة الوصال) بأن يتابع الصوم من غير أكل ولا شرب ويكره لغيره على المشهور كما قال زروق. انظر د (ودخول مكة بلا إحرام) من غير عذر بحصر عدو (و) دخولها (بقتال) مطلقًا بخلاف غيره وتقدم أن في جواز قتال الحاصر تردد أو أبيح له القتال بها كما في الأنموذج (وصفي المغنم) وهو ما يختار منه قبل القسم وينفق منه على نفسه وأهل بيته