والأصح إن من اختارت الدنيا تبين بمجرد اختيارها وليس المراد به التخيير الذي يوقعن فيه الثلاث كما ظنه قوم قال أبو الحسن وهو ظن سوء به عليه الصلاة والسلام أن يخير في إيقاع الثلاث والأول يحتاج للجواب عن قوله تعالى: {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} [الأحزاب: 28] زاد السيوطي في الخصائص الصغرى وقد اختارت الدنيا فاطمة بنت الضحاك فكانت تلتقط البعر وتقول هي الشقية قال في المواهب هكذا رواه ابن إسحاق قال أبو عمر هذا عندي غير صحيح لأن ابن شهاب يروي عن عروة عن عائشة أنه - صلى الله عليه وسلم - حين خير نساءه بدأ بها أي: بعائشة كما في خبر فاختارت الله ورسوله وتابعها بقيتهن على ذلك اهـ.
وأيضًا آية التخيير إنما نزلت وفي عصمته التسع التي مات عنهن وفاطمة ليست منهن ونقل العراقي أنها استعاذت بالله منه أي: ولم يثبت أنها قالت اخترت الدنيا قال في ألفيته:
وابن المثنى معمر قد ادخلا ... في جملة اللاتي بهن دخلا
بنت شريح واسمها فاطمة ... عرفها بأنها الواهبه
ولم أجد من جمع الصحابة ... ذكرها ولا بأسد الغابه
وعلها التي استعاذت منه ... وهي ابنة الضحاك بانت عنه
وسنذكر أن الأصح في اسمها خلاف ما في هذا النظم.
تتمة: بقي مما وجب عليه أن يقول إذا رأى ما يعجبه لبيك إن العيش عيش الآخرة في وجه حكاه في الروضة وأصلها وأن يؤدي فرض الصلاة كاملة لا خلل فيها وإتمام كل تطوع شرع فيه وأن يدفع بالتي هي أحسن وكلف من العلم وحده ما كلف الناس بأجمعهم وكان مطالبًا برؤية مشاهدة الحق مع مشاهدة الناس بالنفس والكلام وكان يغان على قلبه فيستغفر الله سبعين مرة ذكره ابن القاص وابن الملقن وأن يتوضأ لكل صلاة ولا يرد سلامًا ولا يتكلم إذا أحدث حتى يتوضأ لكن نسخ هذا قاله الشيخ سالم أي: هذا المذكور من قوله وأن يتوضأ الخ. ولما أنهى الكلام على ما أراده مما خص بوجوبه عليه ذكر ما وجب علينا لأجله بقوله (و) خص بما وجب علينا له من (طلاق مرغوبته) أي طلاقنا من رغب في نكاحها لكن لم يقع ذلك منه - صلى الله عليه وسلم - وعمم بعضهم هذا فيه وفي غيره من الأنبياء قاله عج أي لم يقع منه رغبة في نكاح امرأة غيره وأما تزوجه زوجة غيره: يأمر الله تعالى بعد طلاقه لها فواقع لقوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] قال في الخصائص قال الغزالي في الخلاصة وله حينئذٍ نكاحها من غير انقضاء عدة قال شارحه قال ابن الصلاح وهو منكر غلط وقال النووي الصواب خلافه اهـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قول ز والأصح أي من اختارت الدنيا تبين بمجرد اختيارها الخ. فيه نظر بل الأصح أن من اختارت الدنيا يطلقها النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك كما استظهره في ضيح في فصل التخيير والتمليك لقول الله سبحانه وتعالى: {أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 28] انظره.