لم تجز وفسدت وإن كان الشرط المذكور مع مال أي مصاحبًا له يدفعه أهل الكفر لنا لقوله تعالى: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} [محمد: 35] وأما في منطوقه أي وإن بمال يدفعه الإِمام لهم وجوّز الشارح رجوعها لقوله وللإمام المهادنة أي: وإن بمال منهم أو لهم (إلا لخوف) مما هو أشد ضررًا من دفع المال منهم أو لهم سواء جعلت المبالغة في المفهوم أو المنطوق وعلى ما جوّزه الشارح فمعناه إلا لخوف يحدث بسبب أخذ مال منهم أو دفعة لهم من زيادة طمع منهم فينا واستيلاء علينا فلا تجوز حينئذ فاستبعاد البساطي لذلك فيه شيء وعلم من هذا أن قوله وإن بمال فيه ثلاثة تقارير والمعنى متقارب وأشار لشرط رابع وهو كون مدتها غير معينة بل باجتهاد الإِمام وما يراه مصلحة بقوله (ولا جد) أي وليس لها حد واجب فلا ينافي قوله (وندب أن لا تزيد على أربعة أشهر) لاحتمال حصول زيادة فتوة للمسلمين أو نحوها وهذا حيث استوت المصلحة في تلك المدة وغيرها وإلا تعين ما فيه المصلحة وفي عد هذا شرطًا رابعًا كما قدمته تبعًا لتت نظر بل الشروط ثلاثة فقط وقوله ولا حد جملة مستأنفة أتى بها لبيان الحكم (وإن استشعر) أي ظن ظنًّا قويًّا (خيانتهم) بظهور دلائلها (نبذه) وجوبًا وبقولنا ظنًّا قويًّا سقط ما قيل كيف ينقض العهد المتيقن بالخوف ووجب خوف الوقوع في المهلكة بالتمادي فسقط اليقين هنا بالظن القوي للضرورة (وأنذرهم) وجوبًا أي: أعلمهم بأنه لا عهد لهم وأنه يقاتلهم فإن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يجز وإن كان الفساد بسبب إعطاء مال من المسلمين لهم فيمتنع إلا لخوف منهم فيجوز ابن عرفة المازري ولا يهادن الإِمام العدو بإعطائه مالًا لأن عكس مصلحة شرع أخذ الجزية منهم إلا لضرورة التخلص منه خوف استيلائه على المسلمين وقد شاور النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أحاطت القبائل بالمدينة سعد بن معاذ وسعد بن عبادة في أن يبذل للمشركين ثلث الثمار لما خاف أن تكون الأنصار ملت القتال فقالا إن كان هذا من الله سبحانه وتعالى سمعنا وأطعنا وإن كان رأيًا فما أكلوا منها في الجاهلية ثمرة إلا بشراء أو قرى فكيف وقد أعزنا الله بالإِسلام فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عزمهم على القتال ترك ذلك فلو لم يكن الإعطاء عند الضرورة جائزًا ما شاور فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اهـ.
وقد نقل غ كلام المازري من أصله فانظره وهذا أحسن ما يقرر به كلام المصنف وأما ما ذكره ز فإن الاحتمال الأول صحيح والاحتمال الثالث فاسد لاقتضائه جواز عقدها على إعطاء مال لهم من غير ضرورة ويرده كلام المازري الذي تقدم ويدل أيضًا على فساد قول المصنف إلا الخوف وأما الاحتمال الوسط فمعناه إن خلا عن شرط فاسد كشرط بقاء الخ.
وإن كان الفساد بسبب مال يلتزمه الإِمام للعدو إلا أن يكون ذلك لخوف الخ. وهذا صحيح وبه قرر غ ويوافق كلام المازري المتقدم وبذلك أيضًا يفسد الاحتمال الثالث فتأمله والله أعلم وقول ز وهو كون مدتها غير معينة الخ. ليس المراد بالشرط الرابع كونها غير معينة وإنما المراد به أن تكون المهادنة إلى مدة معينة يعينها الإِمام باجتهاده وندب كونها أربعة أشهر الخ. وقد وعد في الجواهر المدة شرطًا رابعًا تأمل وبه تعلم سقوط النظر الذي ذكره ز في عد هذا