من المؤلفة قلوبهم فيحتمل أنه أجازه للتألف لا لخروجه من تلقاء نفسه ويمنعون عند أصبغ أشد المنع وهو ظاهر لخبر مسلم أرجع فلن أستعين بمشرك قاله ليهودي خرج من غير طلب وأجاب بعض الأصحاب بأن النهي كان في وقت خاص وهو بدر بدليل غزو صفوان معه في حنين والطائف كما تقدم وتبع المصنف في تعبيره بمشرك الحديث وأراد به ما يشمل الكتابي بدليل تعبير المصطفى به لرد الكتابي فلا يرد على المصنف ما قيل إن عبارته تقتضي جوازها لكتابي مع أنه يمنع به أيضًا (إلا لخدمة) منه لنا كحفر أو هدم أو رمي بمنجنيق أو صنعته فلا تحرم الاستعانة به فيها (و) حرم (إرسال مصحف لهم) ولو طلبه الطاغية لتدبره خشية إهانتهم له أو إصابة نجاسة وأراد به ما قابل الكتاب الذي فيه كالآية بدليل ذكره بعد فسقط ما قيل مفهوم مصحف أن ما دونه ولو الجل لا يحرم وهو يعارض مفهوم قوله الآتي فيما يجوز وبعث كتاب فيه كالآية إذ مفهومه أن ما زاد على كالآية لا يجوز بعثه لهم والمعول عليه مفهوم ما يأتي.
فرع: قال مالك وإذا طلبك الكافر أن تعلمه القرآن فلا تفعل أي: يحرم لأنه نجس وكذا لا يجوز تعليمه الفقه وأجاز أبو حنيفة تعليمه القرآن رجاء الإِسلام وكره مالك إعطاءهم درهمًا فيه آية من القرآن واختلف إذا كان فيه اسم من أسماء الله تعالى انظر ح (وسفر به لأرضهم) ولو مع جيش كثير وظاهره عدم منع سفره بكتب الحديث كالبخاري وينبغي تحريمه لاشتماله على آيات كثيرة (كمرأة) مسلمة حرة أو أمة ملك لمسلم أو حرة كتابية زوجة مسلم فيحرم سفره بها (إلا في جيش آمن) بالمد فيجوز السفر بالمرأة خاصة ولذا فصل بالكاف لأنها تنبه على نفسها والمصحف قد يسقط ولا يشعر به وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يقرع بين نسائه في سفر الغزو لأن جيشه آمن (و) جرم (فرار) من العدو على مسلم وإن لم يتعين عليه قتال أو كان القتال مندوبًا بشرطين أشار لأولهما بقوله: (إن بلغ المسلمون) الذين معهم سلاح (النصف) من عدد الكفار كمائة من مائتين ولو فر الإِمام ثم النصف ولو شكا أو توهما كما يفيده القرطبي والمعتبر هنا وفي الشرط الآتي العدد عند ابن القاسم والجمهور لا القوة والجلد خلافًا لابن الماجشون وتختص الحرمة بمن فر أولا من النصف إن فر البعض ثم الباقون قاله الأقفهسي فإن لم يكن معهم سلاح لم يحرم وكذا يقال فيما بعده كأن نقصوا عن النصف ولو واحدًا كما في كتب الشافعية كذا كتب تت بخطه على طرة شارحه الكبير وأشار للثاني بقوله: (ولم يبلغوا اثني عشر ألفًا) وهو عطف
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وفرار) قول ز بشرطين الخ. فيه نظر لأن الشرط الثاني قيد في المفهوم كما يأتي لا في المنطوق وقول ز ولو شكا أو توهما الخ. تعقبه بعضهم بأنه مشكل مع ما تقرر من أن الشك في الشرط يخل بالحكم قلت: بل الذي يفيده كلام القرطبي أن الجواز هو المشروط بتيقن قصورهم عن النصف فإذا شك في ذلك فقد وقع الشك في شرط الجواز فينتفي الجواز تأمل (ولم يبلغوا اثني عشر ألفًا) هذا القيد ذكره ابن رشد ونسبه لأكثر أهل العلم ونقله أبو الحسن