يصحبها لفظ استثناء فقال: (إلا أن يعزل في يمينه أولا) فتكفي فيه النية حينئذٍ ولو مع قيام البينة واختلف هل يحلف أم لا إلا في وثيقة حق فلا ينفعه العزل على الأصح قاله في الشامل وقول تت قال الشارحان ثم استثنى من متعلق قوله نطق فقال إلا الخ. أي أخرج إذ العزل ليس من النطق أو أن ضمير نطق للرافع لا للاستثناء وحينئذٍ فالعزل من جملة الرفع فيكون الاستثناء على بابه متصلًا وعلى الأول منقطعًا كما يفيده كلامه بعد وما أحسن قول الشيخ سالم ولما كان المخصص استثناء يشترط فيه النطق كما مر ومحاشاة لا يشترط فيها النطق بل النية فيها كافية أخرجها من شرط النطق بقوله إلا أن يعزل الحالف شيئًا بنيته في يمينه أي يخرجها ثم بصدرها على ما سواه فينفعه ذلك العزل بالنية من غير لفظ ومثل لذلك بأشد الأشياء فقال: (كالزوجة) أي كعزله الزوجة أولا (في) الحلف بـ (الحلال) أو كل حل أو كل حلال (علي حرام) لا أكلم زيدًا مثلًا وكلمه فلا شيء عليه في الزوجة على الصحيح لأن اللفظ عام أريد به الخصوص بخلاف الاستثناء فإنه إخراج لما دخل في اليمين أولا فهو عام مخصوص اهـ.
واحترز المصنف بقوله أولا عما لو طرأت له نية العزل بعد النطق باليمين فلا تكفي النية ولا بد من الاستثناء نطقًا متصلًا وقصد حل اليمين به ثم نية ما عداها لا توجب عليه تحريمًا لما أحله الله كما سيذكره بقوله وتحريم الحل في غير الزوجة والأمة لغو وليس قوله جميع ما أملكه حرام كقوله الحلال علي حرام إذ لا تدخل الزوجة في جميع ما أملكه إلا أن يريد إدخالها (وهي المحاشاة) أي وهي المسمى بذلك عند الفقهاء وهي من قبيل العام الذي أريد به الخصوص كما مر وهو أن يطلق اللفظ ويراد به ابتداء بعض ما يتناوله فلم يرد عمومه لا تناولًا ولا حكمًا بل هو كلي استعمل ابتداء في جزئي كمثال المصنف بخلاف مسألة الاستثناء فإنها من قبيل العام المخصوص وهو الذي عمومه مراد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بحركة لسان قال ابن رشد في آخر رسم أوصى من سماع عيسى أنه متفق عليه في الاستثناء بأن أو بإلا إن قال ومن أهل العلم من شذ فأجاز الاستثناء في القلب بمشيئة الله وعلى هذا يحمل ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما من إجازة الاستثناء بعد عام أنه أظهر بعد عام من الاستثناء ما كان اعتقده حين اليمين منه إذ لا اختلاف بين أحد من أهل العلم في أن الاستثناء لا بد أن يكون موصولًا باليمين بل قد قال ابن المواز أنه لا بد أن ينويه قبل آخر حرف من اليمين يريد من الكلام الذي به تمت اليمين هذا معنى قوله الذي يجب أن يحمل عليه كلامه اهـ.
من البيان وقوله خلافًا لابن القاسم أي في قوله إنه ينفعه ذلك في سقوط الكفارة وهو آثم بمنعه حق الغير (إلا أن يعزل في يمينه أولًا) قول ز وقول تت الخ. كلام تت صواب وهو معنى ما ذكره س ويتعين في الاستثناء الانقطاع إذ لو كان متصلًا لكان المراد بالمحاشاة إخراجه أولًا بأداة الاستثناء لكن نية لا نطقًا وليس بمراد بل المراد إخراجه بالنية ولذا قال ابن عرفة ولو كانت المحاشاة بأداة الاستثناء لم تكف النية على المشهور اهـ.