التشهير في الصورة الأولى وإن كان ضعيفًا بالنسبة لما صدّر به من قوله تمام الحلقوم والودجين فلو قطع أقل من نصف الحلقوم مع تمام الودجين لم يكتف به على هذا القول كما هو ظاهره وقوله بنصف الحلقوم أي فأكثر بحيث لا يبلغ التمام فما زاد على النصف ولم يبلغ التمام لا يكتفي به عند القائل الأول الذي هو المشهور ولانحطاط التشهير هنا عما قبله بل قال بعض لم نر من شهر هذا أي غير قول ابن عبد السلام الأقرب اغتفار ذلك لقوله عليه الصلاة والسلام ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل لم يقل خلاف على أن بعضهم قال لا يلزم ابن القاسم الذي يغتفر بقاء نصف الحلقوم من الطير أن يقول مثله في غير الطير لما علم عادة من صعوبة استئصال قطع الحلقوم من الطير وسهولة ذلك من غيره ويصح ذبح ونحر مميز (وإن) كان فاعل ما ذكر يهوديًّا (سامريًّا) ومبالغته عليه تشعر بأن الصابئي لا بد أن يتنصر فإن قلت السامري أخذ ببعض اليهودية والصابئي ببعض النصرانية فما وجه الفرق قلت هو إن أخذ الصابئي بالنصرانية دون أخذ السامري باليهودية كما ذكره التونسي فلذا اشترط في الصابئي أن يتنصر (ومجوسيًّا) وهو عابد النار لا كتاب له إن (تنصر) المجوسي فقط أو تهود وقول تت كل منهما فيه نظر إذ السامرية نسبة للسمرة طائفة من اليهود من بني يعقوب عليه السلام تنكر ما عدا نبوة موسى وهارون ويوشع بن نون من أنبياء بني إسرائيل فذبائحهم مأكولة بخلاف المجوسي فإنه لا بد في أكل ذبيحته من الوصف المذكور وعطف على يناكح ما هو من أوصاف المميز لا على تنصر لإيهامه قصره على المجوسي مع أنها شروط في إباحة ذبيحة الكتابي أصالة أو انتقالًا فقال (وذبح) الكتابي ولو دقيقًا أي جاز لنا أكل ذبيحته بثلاثة شروط أشار لأولهما بقوله (لنفسه) أي ما يملكه لا ما يملكه مسلم أو مشترك بينه وبين كتابي فيكره تمكينه من ذبحهما ولثانيها بقوله (مستحله) بفتح الحاء أي الذي يحل له بشرعنا من ذي الظلف
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ضيح بعد أن ذكر صورة نصف الحلقوم وصورة أحد الودجين وصورة بعض كل منهما قال ومقتضى الرسالة عدم الأكل في هذه المسائل كلها لقوله والذكاة قطع الحلقوم والأوداج لا يجزي أقل من ذلك قيل وهو المشهور اهـ.
فكلامه لا يفيد التشهير الذي ذكره هنا كما زعمه غ ومن تبعه نعم التشهير المذكور ذكره ابن بزيزة في شرح التلقين ونصه وإذا قلنا باشتراط الحلقوم والودجين فقط فلا يخلو من ثلاث صور إما أن يقطعها الذابح كلها أو أكثرها أو لا يقطع منها شيئًا. فإن قطع جميعها فلا خلاف في المذهب أنها تؤكل وإن لم يقطع منها شيئًا أو قطع أقلها فلا خلاف أنها لا تؤكل وإن قطع أكثرها أو نصفها فهل تؤكل أم لا فيه قولان في المذهب والمشهور أن قطع الكل لا يشترط بل يكفي في ذلك قطع النصف فأكثر اهـ.
ومثله لصاحب المعين في شرح التلقين ونصه وأن قطع بعض الحلقوم وبعض الودجين فإن كان يسيرًا أقل من النصف فلا تؤكل وإن كان النصف فما فوق فقولان المشهور أنها تؤكل اهـ.