وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ تَقُولُ إِذَا تَشَهَّدَتْ التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
207 - 205 - (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ تَقُولُ إِذَا تَشَهَّدَتْ) فِي الصَّلَاةِ: (التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ) سَأَلَ الطِّيبِيُّ عَنْ حِكْمَةِ الْعُدُولِ عَنِ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ فِي هَذَا مَعَ أَنَّ لَفْظَ الْغَيْبَةِ هُوَ مُقْتَضَى السِّيَاقِ، كَأَنْ يَقُولَ: السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ فَيَنْتَقِلُ مِنْ تَحِيَّةِ اللَّهِ إِلَى تَحِيَّةِ النَّبِيِّ ثُمَّ إِلَى تَحِيَّةِ النَّفْسِ ثُمَّ إِلَى الصَّالِحِينَ.
وَأَجَابَ بِمَا حَاصِلُهُ: نَحْنُ نَتَّبِعُ لَفْظَ الرَّسُولِ بِعَيْنِهِ الَّذِي عَلَّمَهُ لِلصَّحَابَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ عَلَى طَرِيقَةِ أَهْلِ الْعِرْفَانِ إِنَّ الْمُصَلِّينَ لَمَّا اسْتَفْتَحُوا بَابَ الْمَلَكُوتِ بِالتَّحِيَّاتِ أَذِنَ لَهُمْ بِالدُّخُولِ فِي حَرَمِ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، فَقَرَّتْ أَعْيُنُهُمْ بِالْمُنَاجَاةِ فَنُبِّهُوا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بِوَاسِطَةِ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَبِرْكَةِ مُتَابَعَتِهِ فَالْتَفَتُوا، فَإِذَا الْحَبِيبُ فِي حَرَمِ الْحَبِيبِ حَاضِرٌ فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ: قَائِلِينَ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
وَقَدَحَ الْحَافِظُ فِي وَجْهِ هَذَا بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ صَحَّ الْمُغَايِرَةُ بَيْنَ حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَقُولُ بِالْخِطَابِ، وَبَعْدَ مَمَاتِهِ فَيَقُولُ عَلَى النَّبِيِّ بِلَفْظِ الْغَيْبَةِ اهـ.
لَكِنَّ الْمُقَرَّرَ فِي الْفُرُوعِ إِنَّمَا يُقَالُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَلَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ اتِّبَاعًا لِأَمْرِهِ وَتَعْلِيمِهِ فَتَمَّتِ النُّكْتَةُ.
ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ: فَإِنْ قِيلَ لِمَ عَدَلَ عَنِ الْوَصْفِ بِالرِّسَالَةِ إِلَى الْوَصْفِ بِالنُّبُوَّةِ مَعَ أَنَّ وَصْفَ الرِّسَالَةِ أَعَمُّ فِي حَقِّ الْبَشَرِ؟ أَجَابَ بَعْضُهُمْ: بِأَنَّ حِكْمَةَ ذَلِكَ أَنْ يَجْمَعَ لَهُ الْوَصْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ وُصِفَ بِالرِّسَالَةِ فِي آخِرِ التَّشَهُّدِ، وَإِنْ كَانَ الرَّسُولُ الْبَشَرِيُّ يَسْتَلْزِمُ النُّبُوَّةَ، لَكِنَّ التَّصْرِيحَ بِهِمَا أَبْلَغُ، قِيلَ: وَحِكْمَةُ تَقْدِيمِ وَصْفِ النُّبُوَّةِ، أَنَّهَا كَذَلِكَ وُجِدَتْ فِي الْخَارِجِ لِنُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1]