أَيْ يَحْرُمُ لِأَنَّهُ حِيلَةٌ لِلرِّبَا، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ بِنَاءً عَلَى قَطْعِ الذَّرَائِعِ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنَ قَصَدَا إِلَيْهِ، وَأَبَى ذَلِكَ الْأَكْثَرُ وَالشَّافِعِيُّ حَيْثُ لَا قَصْدَ لِأَنَّ تُهْمَةَ الْمُسْلِمِ بِمَا لَا يَحِلُّ حَرَامٌ، فَلَا يُفْسَخُ مَا ظَاهِرُهُ حَلَالٌ بِالظَّنِّ. وَأَمَّا حَدِيثُ: إِنَّ أُمَّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَتْ لِعَائِشَةَ: إِنِّي بِعْتُ لِزَيْدٍ عَبْدًا إِلَى الْعَطَاءِ بِثَمَانِمِائَةٍ فَاحْتَاجَ إِلَى ثَمَنِهِ فَاشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ قَبْلَ الْأَجَلِ بِسِتِّمِائَةٍ فَقَالَتْ: بِئْسَ مَا شَرَيْتِ وَبِئْسَ مَا اشْتَرَيْتِ، أَبْلِغِي زَيْدًا أَنَّهُ قَدْ أُبْطِلَ جِهَادُهُ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنْ لَمْ يَتُبْ، فَقُلْتُ: إِنْ أَخَذْتُ السِّتَّمِائَةِ، قَالَتْ: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة: 275] (سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ 275) {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 279] (سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ 279) فَضَعِيفٌ وَلَفْظُهُ مُنْكَرٌ ; لِأَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ لَا يُحْبِطُهُ الِاجْتِهَادُ بَلِ الرِّدَّةُ، وَمُحَالٌ أَنَّ عَائِشَةَ تُلْزِمُ زَيْدًا التَّوْبَةَ بِرَأْيِهَا وَزَعَمَ أَنَّهُ تَوْقِيفٌ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ ثَبَتَ عَنْ عَائِشَةَ احْتَمَلَ أَنَّهَا أَنْكَرَتِ الْبَيْعَ إِلَى الْعَطَاءِ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَإِذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ رَجَعَ إِلَى الْقِيَاسِ وَهُوَ مَعَ زَيْدٍ لِأَنَّ السِّلْعَةَ الْمُشْتَرَاةَ إِلَى أَجَلٍ مَالٌ لِلْمُشْتَرِي فَلَهُ بَيْعُهَا بِمَا شَاءَ مِمَّنْ شَاءَ، قَالَهُ أَبُو عُمَرَ مُلَخَّصًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015