عَنْ قَاعِ الْحُجْرَةِ وَلَوْ كَانَتِ الْجُدُرُ قَصِيرَةً.
قَالَ النَّوَوِيُّ: كَانَتِ الْحُجْرَةُ ضَيِّقَةَ الْعَرْصَةِ قَصِيرَةَ الْجِدَارِ بِحَيْثُ كَانَ طُولُ جِدَارِهَا أَقَلَّ مِنْ مَسَافَةِ الْعَرْصَةِ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ، فَإِذَا صَارَ ظِلُّ الْجِدَارِ مِثْلَهُ كَانَتِ الشَّمْسُ بَعْدُ فِي أَوَاخِرِ الْعَرْصَةِ، انْتَهَى.
وَفِيهِ أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْعَصْرِ مَصِيرُ ظِلِّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ بِالْإِفْرَادِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ خِلَافَ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، فَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ مَصِيرُ ظِلِّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ بِالتَّثْنِيَةِ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: خَالَفَهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي ذَلِكَ حَتَّى أَصْحَابُهُ؛ يَعْنِي الْآخِذِينَ عَنْهُ، وَإِلَّا فَقَدَ انْتَصَرَ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ فَقَالُوا: ثَبَتَ الْأَمْرُ بِالْإِبْرَادِ، وَلَا يَذْهَبُ إِلَّا بَعْدَ ذَهَابِ اشْتِدَادِ الْحَرِّ، وَلَا يَذْهَبُ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، فَيَكُونُ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ عِنْدَ مَصِيرِ الظِّلِّ مِثْلَيْهِ، وَحِكَايَةُ مِثْلِ هَذَا تُغْنِي عَنْ رَدِّهِ، انْتَهَى.
وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْمَوَاقِيتِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ فَذَكَرَهُ.
وَمُسْلِمٌ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ فَذَكَرَهُ.
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.