وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ حَسَنَةً قَطُّ لِأَهْلِهِ إِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ ثُمَّ أَذْرُوا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ فَلَمَّا مَاتَ الرَّجُلُ فَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ وَأَمَرَ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ثُمَّ قَالَ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا قَالَ مِنْ خَشْيَتِكَ يَا رَبِّ وَأَنْتَ أَعْلَمُ قَالَ فَغَفَرَ لَهُ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
568 - 570 - (مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ) بِكَسْرِ الزَّايِ وَالتَّخْفِيفِ (عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ) هَكَذَا رَفَعَهُ أَكْثَرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَوَقَفَهُ الْقَعْنَبِيُّ وَمُصْعَبٌ، وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ فِي رَفْعِهِ ; لِأَنَّ رُوَاتَهُ ثِقَاتٌ حُفَّاظٌ (قَالَ رَجُلٌ) قَالَ الْحَافِظُ: قِيلَ اسْمُهُ جُهَيْنَةُ، وَذَلِكَ أَنَّ فِي صَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا. وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ لِلْخَطِيبِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ مِنْ جُهَيْنَةَ، يَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ: عِنْدَ جُهَيْنَةَ الْخَبَرُ الْيَقِينُ ". (لَمْ يَعْمَلْ حَسَنَةً قَطُّ) لَيْسَ فِيهِ مَا يَنْفِي التَّوْحِيدَ عَنْهُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ مِثْلَ هَذَا فِي الْأَكْثَرِ مِنْ فِعْلِهِ كَحَدِيثِ: لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ. وَفِي رِوَايَةٍ: لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ إِلَّا التَّوْحِيدَ. قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَفِي الصَّحِيحِ: مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يُسِيءُ الظَّنَّ بِعَمَلِهِ. وَفِي رِوَايَةٍ: يُسْرِفُ عَلَى نَفْسِهِ. وَفِي ابْنِ حِبَّانَ: أَنَّهُ كَانَ نَبَّاشًا أَيْ لِلْقُبُورِ يَسْرِقُ أَكْفَانَ الْمَوْتَى. (لِأَهْلِهِ) وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ: (إِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ) وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ: إِذَا أَنَا مِتُّ فَأَحْرَقُونِي ثُمَّ اطْحَنُونِي (ثُمَّ أَذْرُوا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ) بِخِفَّةِ الدَّالِ وَشَدِّهَا مِنَ الْقَدَرِ وَهُوَ الْقَضَاءُ، لَا مِنَ الْقُدْرَةِ وَالِاسْتِطَاعَةِ كَقَوْلِهِ: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87] (سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ: الْآيَةُ 87) أَوْ بِمَعْنَى ضَيَّقَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7] (سُورَةُ الطَّلَاقِ: الْآيَةُ 7) وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: هَذَا رَجُلٌ جَهِلَ بَعْضَ صِفَاتِ اللَّهِ وَهِيَ الْقُدْرَةُ، وَلَا يَكْفُرُ جَاهِلُ بَعْضِهَا، وَإِنَّمَا يَكْفُرُ مَنْ عَانَدَ الْحَقَّ قَالَهُ أَبُو عُمَرَ (لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ) الْمُوَحِّدِينَ (فَلَمَّا مَاتَ الرَّجُلُ فَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، وَأَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ) زَادَ فِي